قبل أي حديث.. لقد حرص الغرب على إبقاء مصطلح الإرهاب ضبابياً غير محدد، فلم يتفقوا «وبشكل مقصود» على الإجابة على هذين السؤالين؛ ما هو الإرهاب؟ من هو الإرهابي؟ ذلك ليكون المصطلح انتقائياً يلصق بمن يريدون ويرفع عمن يريدون، ولكنهم بشكل عام حرصوا على أن يكون المسلمون حاضرين عند ذكر المصطلح، وعندما أقول «المسلمون»، أعني أهل الدين دون أقلياتهم الذين يحاول الغرب جاهداً عدم إلصاق المصطلح بهم، وعلى سبيل المثال لا يذكر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أو تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة وغيرها إلا ومصطلح الإرهاب جاهز وحاضر في الخطاب، لكن عندما يذكر حزب الله والحوثيون وجيوش الميليشيات في العراق، يختفي هذا المصطلح بشكل واضح، مع أن أعمال هؤلاء المجرمين من حيث طبيعتها لا تختلف عن أعمال المنظمات التي التصق الإرهاب بها فهنا ذبح وهناك ذبح، هنا تفجير وهناك تفجير، ومع ذلك الشرق والغرب ينادي بمحاربة الإرهاب، والكل يتكلم عن خطورته، فهل سينتصرون عليه أم أنه سيستمر؟أعتقد جازماً أن محاربة الإرهاب بالطريقة الجارية الآن هو عبث، فالإرهاب يتألف من عناصر عدة أهمها الفكرة والإنسان والمادة، وهكذا كان خلال السنوات الماضية وهذه العناصر يمكن التعامل معها بالفكر، لكن اليوم أضيف لها عنصر آخر يعد الأهم والأخطر وهو الأرض، فالأرض التي ينشط فيها «الإرهاب» اليوم هي ملك منظماته بالكامل، ومن الناحية العملية وليست النظرية لاتوجد اليوم دولة بعنوان العراق ولا دولة بعنوان سوريا؛ هناك أرض كبيرة عليها أنقاض دولتين، وهناك منظمات إرهابية أخذت أرضاً أكبر من أرض كثير من الدول وحصنتها وجعلتها مملكتها، وهناك ميليشيات إرهابية احتلت أرضاً بمساندة دولية كان من ضمنها عاصمتا الدولتين فأصبحت تتكلم بصفة حكومية، فحكومة العراق اليوم ليست أكثر من ميليشيات إرهابية حصلت على اعتراف العالم بأنها دولة، وبين كل هؤلاء هناك شعب قتل وهجر خارج هذه الأراضي التي سيطر عليها الإرهابيون بصنفيهم وبقي قسم منهم مكرهاً تحت سلطة الإرهابيين أو أصبح منهم إن كان راضياً بهم.لذلك لن يتمكن العالم من القضاء على الإرهاب لأن كل من يحمل فكرة في العالم سيتوجه لأرضه فهي موجودة وعنوانها واضح، وإذا أراد العالم القضاء على الإرهاب فعليه أن يعمل على سحب الأرض من الإرهابيين وإعادتها إلى أهلها، وأن يكون ذلك شاملاً طرفي الإرهاب، فلن يقبل أهل الأرض التي سيطر عليها داعش باستعادة أرضهم لتوسع الميليشيات التي تحكم بغداد أرضها، كذلك لن يحارب الإرهاب إلا أهل الأرض نفسها وهؤلاء لا يحتاجون أكثر من الدعم الدولي والمادي، ومن أساسياته أن تصنف الحكومتان في العراق وسوريا بصفتهما الحقيقية وهي الإرهاب، عندها سيندحر الإرهاب بيد أهل الأرض، أما مشاركة هاتين الحكومتين في محاربة الإرهاب فهي عبث لأنها الإرهاب نفسه.اتخاذ خطوة مثل هذه لن تفعلها أمريكا أو دول الغرب لأنهم يريدون دوام هذا الحال وعلى الدول العربية اتخاذ هذه الخطوة بمفردها فالإرهاب يحرقها ويستنفد ثرواتها.