حتى هذه اللحظة لم نستفد أشياء مهمة وفارقة في عمل مجلس النواب خلال هذه الدورة تحديداً، ومع إطلالة الكثير منهم كوجوه جديدة داخل المجلس، رأينا بأم أعيننا أن نسبة الصمت قد زادت، وزادت معها الخلافات الشخصية بين أعضاء المجلس، أما الخطوات الإيجابية التي تصب في صالح الوطن والمواطن، فإنها لا تذكر سوى في بعض القضايا الهامشية.لقد حفظنا التمثيليات النيابية عن ظهر قلب. الصراخ داخل المجلس، ورفض كل أنواع الضغط على معيشة المواطن البحريني، والوقوف معه في كل أزماته الحياتية، وما إن تنعقد جلسات اللجان البرلمانية في الغرف المغلقة أو حتى مع الحكومة، يطلع لك البصامون من كل حدب وصوب للوقوف في وجه المواطنين، أما القضايا التي تمس الجانب الوطني لمملكة البحرين فإنهم صم بكم عمي، لكنهم ومن دون إسداء توجيهات لهم فيما يتعلق بالشأن المحلي والدولي وبخصوص الوطن عموماً، فإن وضعية «الصامت» هي الوضعية الثابتة لديهم.نحن نريد نواباً يتحسسون همَّ المواطن وهموم الوطن، دون الحاجة إلى وجود تنبيهات أو كوارث أو صواعق تنزل عليهم من السماء والأرض حتى ينتبهوا، وهذا لن يكون إلا من خلال تواجد النواب في قلب الحدث وبين الناس. فالنائب الذي لا يتابع الصحافة ولا يعلم بآخر التطورات داخل الوطن وخارجه هو نائب نائم، ولا نعلم متى سيستيقظ من بياته الشتوي!إن على مجلس النواب مهمات جسيمة، فالوضع الاقتصادي الذي يمر به الوطن صعب للغاية، وحتى بعض الموازنات التي أقرت فإنها لن تكفي لرسم مستقبل معيشي معتدل للمواطنين وحتى للمؤسسات الخدماتية التي سوف تتأثر من طبيعة الميزانية الجديدة في السنتين القادمتين، وهذا بطبيعة الحال يفرض على مجلس النواب أن يبتكر حلولاً استراتيجية واقتصادية متطورة، وهذا لن يكون أبداً حين تستمر الغيبوبة النيابية.في اعتقادنا المتواضع، يبدو أن أزمة الاقتصاد ومعها الميزانية، أكبر بكثير من مسألة دعم اللحوم كما جاهر بذلك بعض النواب، والقضية أكبر من لحم ودجاج. فالبحرين اليوم كما هو حال غيرها، تواجه تحديات اقتصادية وإقليمية ودولية حساسة، فيكون من واجب الإخوة النواب أن يدركوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذه الظروف الحالكة، وأن يخرجوا من شرنقاتهم «وهوشاتهم» الشخصية إلى فضاء الوطن، فتحديات اليوم أكبر مما يتصوره الكثير من النواب.يجب على مجلس النواب أن يعيد غالبية الأعضاء الذين فقدوا بوصلة العمل إلى سكتهم الطبيعية، وأن يبدؤوا في حلحلة الكثير من القضايا العالقة في أدراجهم، وأن يكون الوطن هو محور عملهم، كما يجب أن يكون المواطن البحريني هو كل شيء في عملهم.