لفتني في الآونة الأخيرة كثرة الرسائل المتطايرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعبر عن الامتعاض والاستياء للسلوكيات السلبية التي يمارسها البعض، واشدد على كلمة «بعض» وأضع تحتها ستين خطاً، والتي من وجهة نظري الخاصة إن كنت لا أقبل بها إلا أنني لا أصفها بغير أنها تصرفات عفوية غير ملائمة قام بها مجموعة أقلية من السياح العرب في الدول الأوروبية والأمريكية، فاستغربت أنه تم وصف الأمر وكأنه مصيبة حلت أو كارثة عمت! فهل يعقل أن ممارسات فردية تنسب لشعب بأكمله؟!وإلى ديانة بأسرها؟!والأسوأ من هذا كله أن الرسائل تكتب بأيادٍ عربية لتصف أهلها من الجماعات العربية بالهمجية والممارسات البدوية، ونسوا الجنسية التي يحملونها! وما أسرعنا بفبركة الصور، لأكتشف كم نحن مبدعون باختلاق الحكايات البعيدة كل البعد عن صورها الفعلية؟!وآخرون ينظرون بكل عنجهية متذمرين من الحوادث العشوائية مصنفين أنفسهم من الطبقة المخملية ورامين وراء ظهورهم نشأتهم في الحواري والبيوت الخشبية والخيم القماشية. في كل ما أذيع من استنكار للتصرفات السلبية التي قام بها الأقلية في هذه الدول الحضارية، بالمقابل لم نسمع أحداً ممن يعدون أنفسهم أنهم أكبر من الخريطة العربية بوصف خوفه من الناس السكارى الموزعين في أرجاء الشوارع الأمريكية؟ أو عبر عن استيائه من الرائحة النفاذة لرجل عجوز جلس بقربه في القطار بإحدى الدول الأوروبية؟! أو استنكر تفرد شاب وفتاة في الحدائق العامة يمارسان الرذيلة سوياً؟ أو يقفل باب غرفته بإحكام خوفاً من مداهم في جوف الليل... وهل اعترض أحد منا على رفع السلاح الأبيض في وجه عامل بريء ذنبه في الحياة أن لونه أسود لأننا في الألفية الثالثة ومازالت العنصرية متأصلة في العقول الغربية؟! والقائمة بلا شك تطول.فمن ظلمنا لأنفسنا بداية أن نأخذ حالات فردية ونعممها على سائر الأمم؛ سواء كانت إيجابية أو فردية.والسؤال الذي يطرح نفسه؛ لماذا لم تذكر الدول المستضيفة؟ بحسب تقديرات مجلس السياحة والسفر العالمي، أن الدول الخليجية تنفق حوالي 20 مليار دولار وأكثر سنوياً على موسم قضاء الإجازات، علماً أن المملكة العربية السعودية تحتل منصب الأسد من ناحية الإنفاق.فإن كان أهل الغرب يرى أن تصرفاتنا معيبة، فنحن نرى أن تصرفاتهم مشينة ولا نقبل بها في أي ظرف من الظروف، وكما يقول المثل كما تراني يا جميل أراكَ.لذلك فقد رحم الله سبحانه وتعالى الإمام الشافعي عندما وصف السفر بالأبيات التالية.. تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلى وسافرففي الأسفار خمس فوائدتَفَرُّج همٍّ، واكتساب مــعيشة وعلم، وآداب، وصحبة ماجدفإن قـيل في الأسفار ذُلٌّ ومحنـة وقطع الفيافي وارتكاب الشدائدفـموت الـفتى خير له من قيامه بدار هوانبين واشٍ وحـاسد