التقرير الذي نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» أخيراً ونسبت المعلومات الواردة فيه إلى مسؤول خليجي كبير أكد أن إيران تسعى إلى عقد حوار خليجي إيراني في سبتمبر المقبل في إحدى دول المنطقة أو دولة محايدة، وأن دول مجلس التعاون مواقفها مختلفة إزاء فكرة عقد هذا الحوار، ففي الوقت الذي ذكر فيه التقرير نقلاً عن ذلك المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه أن فكرة عقد الحوار قطرية (طرحها الوزير خالد العطية في اجتماع عقد أخيراً لوزراء خارجية دول التعاون في الرياض)، وأنها وجدت ترحيباً حاراً من سلطنة عمان (ومن إيران بالطبع) ولم تجد الرفض من الكويت، نبه أيضاً إلى أن السعودية والإمارات والبحرين تحفظت عليها ورفضتها بقوة.قبول ثلاث دول خليجية بعقد مثل هذا الحوار مع إيران يؤكد أن مجلس التعاون الخليجي لا ينظر إلى إيران نظرة عدائية، ورفض الدول الثلاث الأخرى بالمجلس لهذا الحوار لا يعني أنها تنظر بعدائية إلى إيران وإنما تشترط تصحيح الوضع بحيث تستطيع أن تتخذ موقفاً إيجابياً من مثل هذه الدعوة، إذ كيف تتحاور مع إيران التي تتدخل في الشؤون الداخلية لدول التعاون؟ وكيف تتحاور معها وهي تمارس سياستها العدوانية ضد جيرانها وتملأ الفضاءات كل يوم بكمية من التصريحات العدائية وبكميات من الأسلحة والصواريخ؟ حماس إيران لعقد الحوار الخليجي الإيراني يلفت الانتباه ويثير القلق، وإعلان مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان قبل أيام عن أن بلاده ستجري حواراً مع دول الخليج العربية وقوله بأن المفاوضات مع ممثلي الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون ستشمل الأوضاع في سوريا واليمن، وأنه تم تحديد سبتمبر المقبل موعدًا للقاء يزيد من لفت الانتباه ومن مساحة القلق ويثير الكثير من الأسئلة عن أهداف إيران من حصول هذا اللقاء في هذا الوقت بالتحديد (حسب تقرير «الشرق الأوسط» فإن المسؤول الخليجي الكبير رأى أن استماتة إيران على عقد هذا الحوار هو لإيقاف خسائرها في اليمن وبعد فضح أجندتها في البحرين والكويت، وأملاً في إضعاف موقف الحزم الخليجي بقيادة السعودية في اليمن). موقف قطر وعمان والكويت من هذا الحوار المقترح يعبر عن أصالة مجلس التعاون وحرصه على السلام وسعيه الدائم لخير المنطقة، وموقف السعودية والإمارات والبحرين لا يخرج عن هذه المبادئ ولا يشذ عنها؛ ولكنه يلخص المثل القائل (كيف أعاهدك وهذا أثر فأسك)، فإيران التي تدعو اليوم إلى عقد مثل هذا الحوار لم تتوقف منذ سنوات عن الإساءة إلى البحرين واعترف كثير ممن أغوتهم بأنها وراء تهريب الأسلحة إليها وما يجري فيها من أحداث لم تتوقف منذ أكثر من أربع سنوات، وإيران التي تحاول أن تظهر نفسها اليوم في صورة الحمل الوديع هي من هربت ترسانة الأسلحة التي تم اكتشافها أخيراً في الكويت، وإيران هي سبب كل المشكلات في المنطقة، وهي التي توظف إعلامها للإساءة إلى البحرين والسعودية على وجه الخصوص ولا تستثني دول التعاون الأخرى.لولا الهزائم المتتالية لإيران في اليمن واقترابها من هزيمة منكرة لما سعت لمثل هذا الحوار ولما تحمست له، ولولا فضائحها في البحرين والكويت والموقف المخزي الذي صارت فيه لما فعلت ذلك، ولولا أنها تعتقد أن مثل هذا الحوار سينفعها في ملف الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع الغرب لما «تميلحت» وتحدثت بلهجة لطيفة مع دول التعاون. دول مجلس التعاون ليست ضد أي حوار وأي لقاء مع أي طرف يمكن أن يأتي منه خير للمنطقة ويسهم في حل مشكلاتها ويكون سبباً في استقرارها، ولكنها بالتأكيد لا تستطيع أن تدخل في حوار مع دولة اتخذت الشر منهجاً، والخديعة و»العيارة» من صفاتها.
Opinion
يحاورون إيران وهذا أثر فأسها؟
21 أغسطس 2015