انتشرت في أوروبا في القرون الوسطى، والتي كانت تعرف بالعصور المظلمة، ظاهرة بيع صكوك الغفران، حيث زعم القساوسة والرهبان أن الصك يؤكد حصول مشتريه على الإعفاء من خطاياه وأنه مغفور الذنب، وتطور هذا الأمر وحصلت فيه قصص عجيبة منها أن مجموعة من القساوسة كانوا يجوبون أوروبا ويزعمون أنهم يملكون مع صكوك الغفران، صكوكاً أخرى لأراضٍ في الجنة، ولأن الناس كانوا ينتظرون دخول الجنة بعد الغفران فقد سارعوا لهؤلاء الكهنة ودفعوا لهم أموال حصاد السنين وشقائها ليحصلوا على هذه الصكوك.كان الموضوع «ماشي آخر حلاوة» حتى مر بهم داهية يهودي ورأى ما يحدث، فأخذ يفكر في الموضوع، وفي اليوم التالي ذهب إلى الكنيسة وطلب شراء جميع الأراضي المزعومة بالجملة، فقال له الكهنة هذه قيمتها خيالية ولا تقوى على دفعها، فقال أنا لا أسألكم عن أراضي الجنة ولكن أسألكم عن أراضي النار، أريدها كلها فهل تملكون بيعها؟ فقالوا له انتظر في الخارج، واجتمعوا بينهم فقالوا هذه فرصتنا ولن يمر بنا أحمق كهذا، واتفقوا معه على مبلغ، فقبل بشرط منحه سنداً بأرض النار كلها توضع عليه أختامهم جميعاً.في اليوم التالي وقف في سوق المدينة وجمع الناس وقال لهم لقد اشتريت أرض النار كلها وهذا سندها، وإني أعدكم بعدم دخول أي منكم إلى النار، ولا حاجة لكم بأرض الجنة بعد اليوم، فمرت الأيام ولم يشتر أحد متراً من القساوسة حتى ضاق بهم الحال، وجاءوا لليهودي يطلبون نكث العقد بينهم فرفض فعرضوا عليه شراء النار منه، وبعد مفاوضات باعهم النار بعشرة أضعاف ثمنها، وأعلن ذلك أمام الناس كي يستطيع القساوسة العودة لخداع الناس، وبقيت مشكلة صكوك الغفران وهذه الحيل حتى ظهر مارتن لوثر وأثار هذه القضية ضد الكنيسة واعترض عليها ليطلق بعدها عصر الإصلاح في أوروبا.يبدو أن جمهورية الولي الفقيه اليوم تشبه الكنيسة أيام العصور المظلمة في أوروبا، ولا تستطيع العمل إلا بالخداع والاحتيال، فبعد أن اكتشفت فضيحة صكوك غفرانها أو ما يعرف بمفاتيح الجنة التي وزعها الخميني على جنوده الذين أرسلهم لقتال العراق في الثمانينات، نكتشف اليوم من خلال ما عثر عليه المقاتلون اليمنيون في محافظة مأرب أن جثث الحوثيين قيدت بها مفاتيح الجنة التي وزعها عليهم عبد الملك الحوثي، ذلك المحتال الذي أضاف لها جوازات سفر إلى الجنة وضع عليها أختام قادة التمرد في اليمن، فإذا كانت صكوك الغفران تحتاج إلى أرض في الجنة، فمن المنطقي أن مفاتيح الجنة تحتاج إلى جواز سفر ليتمكن المسافر من الوصول إلى الباب وفتحه، وهكذا يريد الحوثي وإيران إرجاع اليمن إلى القرون الوسطى.فماذا ينتظر الحوثيون ليصحوا، هل ينتظرون ذلك الداهية اليهودي ليمر بهم ويحتال على عبد الملك الحوثي وزبانيته، أم ينتظرون شخصاً من بينهم كمارتن لوثر يعترض على هذا الدجل؟ الأجدر بهم أن يعتبروا من التاريخ وينتفضوا على من وضعهم في هذه الظلمة وأذلهم.
Opinion
هل من داهية ومارتن لوثر جديد للحوثيين؟
26 أغسطس 2015