بينما كنت أتابع مجريات مباراة منتخبنا الوطني لكرة القدم مع ضيفه الكوري الشمالي وأتحسر على الفرص الضائعة بسبب غياب اللاعب الذي يعرف طريق المرمى، دفعني فضولي الصحافي وتحركت فيني ذاكرة الزمن فبدأت أستعرض قائمة الهدافين الذين أنجبتهم ملاعبنا الكروية منذ ستينيات القرن الماضي حتى بداية الألفية الثالثة وبرزت أمامي أسماء لنجوم تميزوا بهز الشباك من أمثال أحمد بن سالمين وخليفة بن سلمان وعدنان أيوب وحسن زليخ وجاسم حمد وسالم مبارك وخليفة الزياني وبعدهم جاء جيل آخر يتمثل في فؤاد بوشقر وخليل شويعر وسلمان شريدة ويوسف الرفاعي ومحمد بهرام وحمد محمد وكامل غيث وإبراهيم زويد وعدنان إبراهيم وشاكرعبدالجليل ثم جاء الدور على محمد الدخيل وإبراهيم عيسى ومحمد العميري وحميد درويش وبدر سوار وأحمد عبدالأمير إلى أن جاء جيل الألفية الثالثة يتقدمهم راشد جمال وحسين علي وعلاء حبيل ومحمد سالمين وطلال يوسف ودعيج ناصر وأحمد حسان.هذه قائمة مختصرة من قائمة طويلة لهدافين بحرينيين متميزين مروا على تشكيلات منتخبنا الوطني لكرة القدم على مدار الخمسين سنة الماضية بينما أصبحنا اليوم نبحث عن مهاجم يترجم لنا الفرص إلى أهداف فلا نجده إلا بالكاد بعد أن اتجهت أغلب الأندية للاعتماد على المهاجمين الأجانب!من يعتقد بأن اتحاد كرة القدم وحده من يتحمل مسؤولية إخفاقات كرة القدم المحلية فهو مخطىء لأن ما تقوم به أغلب الأندية من إهمال لفرق القاعدة والاعتماد على التعاقدات الهزيلة تحت غطاء الاحتراف الوهمي هو ما أدى إلى تقلص أعداد المواهب الكروية المحلية و بالأخص المهاجمين والهدافين وهذا ما جعل منتخباتنا تعاني الأمرين في هذا الجانب ولعل مباراتنا الأخيرة مع كوريا الشمالية خير دليل على ذلك!لم يكن الكوريون الشماليون متفوقين علينا فنياً ولا بدنياً ونفس الوضع كان أمام الفلبين في الجولة الأولى من التصفيات حيث اتضح مدى معاناتنا الهجومية وإهدارنا للفرص العديدة التي لاحت لنا أمام المرمى في المباراتين وكشفت لنا مدى حجم العقم الهجومي الذي يعاني منه المنتخب!إذا كان من أمر يلام عليه الجهاز الفني للأحمر بقيادة الأرجنتيني «باتيستا» في لقاء كوريا الشمالية فهو اعتماده على مهاجم صريح واحد وهو «جيسي جون» – الذي لا يعتبر مهاجم سوبر – وهذا ما كشفته الدقائق التسعين التي لعبها دون أن نرى منه أي خطورة تذكر، بل أن حتى تسديداته القريبة من المرمى كانت ضعيفة جداً، ومع ذلك لم يحرك «باتيستا» ساكناً في هذا الاتجاه إلا متأخراً حين دفع باليافع عبدالله يوسف ثم أشرك سامي الحسيني الذي كان يفترض أن يكون أساسياً منذ البداية إلى جانب «جيسي جون» ما دام الفوز هو خيارنا الرئيس في هذه المباراة !لنعد إلى المعاناة الهجومية التي تحتاج لإعادة ترتيب أوراق باتيستا في لقاء اليمن المقبل مادام هناك بصيص أمل في العودة إلى المنافسة على بطاقة التأهل من خلال الجولات الست المتبقية والأهم من ذلك أن يتحرك اتحاد كرة القدم لدعوة الفنيين في الأندية الوطنية الأعضاء في الاتحاد لاحتواء مشكلة شح المواهب الهجومية وكيفية العمل الجاد من أجل تجاوز هذه الأزمة من خلال الاهتمام بفرق الفئات العمرية والحد من التعاقدات العشوائية مع اللاعبين الأجانب على حساب اللاعب المواطن الذي يشكل أساس المنتخب حتى لا تتفاقم هذه المعاناة أكثر مما هي عليه!