هل أنتم مندهشون مثلي من ذوي الشهداء، البحرينيون منهم والإماراتيون والسعوديون، أنت أمام ملحمة بشرية تظهر عمق الإيمان بالله و امتداد الجذور لباطن الأرض تلك معادلة لا توجد سوى بقناعة ويقين «بالمواطنة».ألم نكن نتساءل إن كانت الدولة في منظومة مجلس التعاون قد نجحت في زرع الانتماء عند الإنسان الخليجي والإيمان بالدولة كحاضنة لهذا الإنسان؟ ألم نبحث عن مدى استيعاب العلاقة بين الوطن والمواطن؟ألم نكن نتساءل إن كانت «الدولة» قد تأصلت ووجدت لها موقعاً في الذهنية الخليجية وهي دولة حديثة فتية لم تتوال فيها سلالات أجيال «المواطنين» إلا بجيلين وبالكاد يتلمس الثالث طريقه منذ نشأت الدولة الحديثة؟وإذ بِنا نرى أجمل المعاني وأعمق صور الفهم لا للولاء الفطري للأرض إنما للالتزام بواجب الدولة واستحقاقاتها. أمهات الشهداء اللاتي فقدن أعز ما يملكن، فقدن أبناءهن وهم في ريعان شبابهم في مهام قتالية بعيداً عن أرضهم، سطرن فهماً عميقاً لاستحقاقات الدولة التي كانت وعاء حاضناً لهن ولأبنائهن إلى جانب أروع صور الوفاء والفداء للأوطان. يقشعر البدن لأم ذهبتَ تواسيها فإذا هي الشامخة وهي التي تشد أزرك وتزيد إن كانت دولتنا بحاجة لمزيد سنقدمه، إن كانت تريدنا لخدمتها فترخص لأجلها الأرواح.لا وقت ولا ظرف ولا مكان ولا زمان لتطبيل أو لمجاملة مسؤول. مشاعر صادقة ينحني لها الرأس احتراماً. لو لم تكن « الدولة» قد أرست دعائمها، لو لم تكن الدولة قد روت تلك الجذور كي تتشبث بها لما وجدت هذا الصدق في العطاء والوفاء.تلك صور تخيف العدو أكثر من أي صورة لجيوش أو لمعدات، تلك ملحمة خط الدفاع العظمى لأي دولة تحكيها زغاريد أمهات ثكالى يعدن بالمزيد لحظة إبلاغهن خبر استشهاد أبنائهن.إنه الخليج العربي، وإنهن أمهات أهل الخليج.فهل عرفت الآن أيها العدو مع من تتعامل؟