في السنوات الأولى من القرن العشرين سمع تاجر المجوهرات الفرنسي جاك كارتير عن جزيرة تقع في قلب الخليج العربي مشهورة بأجود أنواع اللؤلؤ في العالم، فقرر زيارة البحرين، وبالفعل وصلها عام 1911 والتقى خلال زيارته بكبار تجار البحرين، واطلع على تفاصيل كثيرة حول صناعة اللؤلؤ مقدراً قيمته ليدخله ضمن إبداعاته ومشغولاته الرائعة لصناعة المجوهرات، ومازالت متاجر كارتير حول العالم تتميز بأطقم قديمة نادرة تزينت بلؤلؤ البحرين الثمين. معظم البحرينيين اليوم لا يتذكرون قصة كارتير وزيارته المنامة، وكذلك الفرنسيين. ولكنهم يدركون معاً أهمية العلاقة بين المنامة وباريس لأنها علاقة ضاربة في التاريخ تجاوزت القرن، وكانت مثالاً حافلاً للاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. في أقل من 5 سنوات، حرص جلالة الملك حفظه الله على زيارة باريس 3 مرات، وفي كل مرة كانت العلاقات تزداد أهمية، حتى باتت فرنسا شريكاً أساسياً لمملكة البحرين باعتبارها نموذجاً للعلاقات مع الدول الكبرى التي لا تتوقف عن دعمها لشركائها في مختلف الظروف. إشادة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالتنوع والتعايش في المجتمع البحريني تعكس مدى التقارب بين فرنسا والبحرين، فكلاهما يتميزان بمجتمع تعددي الأعراق والطوائف والأديان والمذاهب، وهذا ما كان واضحاً في اهتمام عدد من رجال الدين الفرنسيين بزيارة البحرين مؤخراً، وبعدها زيارة رجال الدين البحرينيين لباريس، وتوجت باستقبال جلالة الملك لنخبة من رجال الدين الفرنسيين بمقر إقامته في العاصمة الفرنسية. تطابق كبير في المواقف السياسية بين البلدين، سواءً حول القضايا الداخلية أو الدولية، فنذكر هنا بتقدير موقف فرنسا من تصاعد أعمال الإرهاب في البحرين، وحرصها على استقرار المنامة، وكذلك مواقفها الأخرى تجاه القضايا الأساسية من اليمن وسوريا والنزاعات في المنطقة. تبقى فرنسا شريكاً أساسياً لمملكة البحرين، ونتطلع باهتمام بالغ لمرحلة مختلفة من العلاقات، فحرص القيادتين، وتنوع المجتمعين وتعايشهما يساعد كثيراً على فهم الآخر وتقدير مصالحه وبناء الثقة المتبادلة. يوسف البنخليل