أصابت مشاهد الأطفال السوريين الذين غرقوا في عرض البحر، في محاولة يائسة منهم ومن عوائلهم للهروب من جحيم الحرب في سوريا العالم كل العالم بصدمة حقيقية حول مستقبل هؤلاء الضحايا من النازحين والقاصدين لجهات مختلفة، وبين مؤيد ومعارض لاستقبال اللاجئين، لم نشاهد أو نرى موقفاً عربياً واضحاً بخصوص هذه الأزمة التي يتكلم عنها القاصي والداني.مما لا ريب فيه أن ملف اللاجئين السوريين يعتبر من أكثر الملفات تعقيداً على الإطلاق، فاستقبال اللاجئين وإيوائهم في دول آمنة أو شبه مستقرة، يعني أن الدول التي سوف تستقبلهم لديها كل الاحتمالات الواردة لما بعد عملية التوطين أو التسكين، وبما أن الدول الغربية لديها قوانين خلقت قبل الإنسان وقبل كل الحروب الحديثة، تقنن كل شيء في هذه الحياة، رأينا مواقفها واضحة في مسألة استقبال اللاجئين السوريين، ومع ذلك هناك دول أخرى كأستراليا ونيوزلندا وغيرهما، وضعوا قوانين جديدة وصارمة ومعقدة وإنسانية في ذات الوقت لضبط قضايا اللاجئين، من أجل خلق توازن بين عملية تدفقهم بصورة إنسانية وبين عملية ضبط أمن تلك الدول واستقرارها.بما أن الكثير من الدول العربية ليست لديها قوانين صارمة ومحددة فيما يتعلق بإشارات المرور وتنظيم سير المركبات في الشوارع؛ هل يمكن أن تمتلك قوانين واضحة تتعلق باللاجئين؟في أوروبا اليوم وبسبب احتمالية تسلل عناصر من داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية العالمية مع المتدفقين من اللاجئين وعبر جوازات سفر مزورة، بدأت الدول الأوروبية تتحسس بعض الشيء من عمليات النزوح الجماعي للاجئين السوريين، وربما لها الحق في تشديد الأنظمة الخاصة بملف النازحين خوفاً من تداعياتها الأمنية الخطيرة على دولهم. أما بالنسبة للدول العربية، تلك الدول التي لا تمتلك قوانين صريحة بحق اللاجئين إلا في بعض الأمور البسيطة جداً، رأيناها أغلقت الحدود نهائياً في وجوه النازحين، حتى من دون مراعاة الجوانب الإنسانية للشرائح الضعيفة ولو بصورة مؤقتة، كالنساء والأطفال والشيوخ وغيرهم.نحن لا نطالب أن تفتح الدول العربية كل حدودها للاجئين السوريين حتى من دون وجود ضوابط قانونية تحدد هذه العملية، لكن يجب أن تحتضن هذه الدول المزيد من اللاجئين السوريين من الفئات الضعيفة أو التي تثبت بطريقة ما عدم ارتباطها بأي جماعات إرهابية على أقل تقدير، أما أن يعيرنا العالم بخذلان اللاجئ السوري العربي فهذه كارثة.تظل أزمة اللاجئين السوريين تحتوي على الجانب العاطفي، وكذلك على الجانب الأمني أو القانوني، ولأجل ضمان الحقوق الإنسانية للاجئين، وضمان أمن الدول العربية التي تحتضنهم، يجب أن نخلق قوانين تحمي الطرفين، إضافة إلى إيجاد أماكن مخصصة لإيوائهم وحمايتهم، تضمن حقوقهم وتضمن للدول العربية استقرارها. إن المسألة ليست بالسهولة التي نتصورها، لكن لا يجب أن نرمي بقية اللاجئين السوريين في وسط البحر بحجة أن الدول العربية تخاف على أمنها، فالقانون القوي ينتج لنا نتيجة قوية وصادقة وإنسانية في ذات الوقت، ومهما توارينا خلف الهروب من احترام اللاجئين العرب، فإن التاريخ لن يرحمنا.
Opinion
أزمة اللاجئين السوريين مع الدول العربية
10 سبتمبر 2015