توقفت التفجيرات الانتحارية التي طالت المصلين في عدد من المساجد في بعض دول الخليج العربي وهم يؤدون صلاة الجمعة، فقد مر حتى الآن أكثر من شهرين من دون أن يحدث شيء من هذا القبيل. الجميع بدأ يشعر بالاطمئنان وعادت حياة المصلين إلى طبيعتها، لكن أحداً لم يهتم بالسؤال عن سبب توفر ذلك الشعور ولم يلتفت إلى أن كل هذا هو نتاج الجهود غير العادية التي بذلتها وتبذلها وزارة الداخلية التي سخرت كل إمكاناتها وقدراتها وعناصرها بغية تحقيق ذلك ووضع حد لعبث أولئك الذين يستهدفون المصلين. بعد التفجيرات المؤلمة التي حدثت في المملكة العربية السعودية والكويت والتي راح ضحيتها عشرات المصلين وجرح الكثيرون اتخذت الجهات المعنية بالأمن قرارها بحماية المصلين فوضعت الكاميرات للمراقبة ووفرت رجال الأمن بأعداد كافية عند مختلف المساجد ليوفروا ذلك الشعور بالاطمئنان ويسيطروا، فلم يعد أمام المخربين من وسيلة ينفذون من خلالها إلى المساجد ليرتكبوا ذلك الإثم الكبير في بيوت الله.هذا جهد ينبغي ألا ينكره أحد، وينبغي أيضاً أن يقدر الجميع حرص هذه الجهات على توفير الأمن للجميع. ما حدث باختصار هو أن الجهات الأمنية دخلت الحرب ضد الإرهاب نيابة عن المصلين وحرصت على الانتصار فيها بتضييق الخناق على الإرهابيين قانوناً بتشديد العقوبات وعدم التسامح، وواقعاً بتفتيش كل الداخلين إلى المساجد للصلاة، وقبلهم تفتيش المكان والشوارع القريبة والساحات المخصصة للسيارات، فلم يتركوا للعابثين والمخربين والإرهابيين مجالاً ليؤذوا عباد الله. في البحرين لاحظ الجميع كيف يعمل رجال الأمن على توفير الأمن للمصلين بشكل خاص في مثل هذا اليوم وفي كل مناسبة دينية، فهم ينتشرون عند كل المساجد، وخصوصاً تلك المتوقع أن يتم مهاجمتها من قبل الإرهابيين الذين يسعون إلى إحداث الفوضى التي من دونها لا يستطيعون التنفس والعيش. اليوم الجمعة يتوفر رجال الأمن عند باب كل مسجد لمنع العبث وتوفير الإحساس بالأمان للمصلين وللجميع، وبسبب تراكم الخبرات تسير الأمور بشكل طبيعي إلى الحد الذي لا يلاحظ فيه ما يقوم به هؤلاء الرجال من جهد، فهم ينتشرون في أماكن محددة بهدوء ويستقبلون المصلين بابتسامة تشعرهم بأن المكان آمن وأنهم حريصون على حياتهم.لكن مهمة الأجهزة الأمنية لا تقتصر على هذا الأمر، ولولا وجودها في كل الأماكن لما شعر المواطن والمقيم والزائر بالأمن ولانتابه القلق متحركاً وساكناً. من هنا صار لزاما على الجميع وخصوصاً أولئك الذين ينظرون إلى تلك الأجهزة بسلبية أن يعترفوا بأهمية هذا الدور وهذا الجهد الذي من دونه تشيع الفوضى ويغيب الأمان. لكن الجهد الذي تقوم به هذه الأجهزة لا يعني أن الإرهابيين هزموا وانتهى أمرهم، فكما أن وزارات الداخلية تطور من قدراتها وقدرات منتسبيها وتحاول أن تستفيد من التكنولوجيا الحديثة وكل جديد في مجال الأمن كذلك يفعل المخربون والإرهابيون، فلكي يصلوا إلى أهدافهم لا بد أنهم يطورون أنفسهم وقدراتهم ويحاولون أن «يبدعوا» كي يجدوا الثغرات التي يمكنهم منها التسلل إلى المساجد وغيرها من أماكن التجمعات، لهذا ستستمرالأجهزة الأمنية في هذه المهمة التي تمكنت خلالها أيضاً من إيصال رسالة إلى من ينظر إليها تلك النظرة السالبة مفادها أن الأمن للجميع وأن وزارة الداخلية مسؤولة عن أمن الجميع وأنها لا يمكن أن تسمح لمن يريد العبث بالأمن أن يحقق مراده، وأن التعاون معها مسؤولية كل مواطن ومقيم زائر، فليس معقولاً مثلاً الحصول على معلومة عن عزم جهة ما أو مجموعة أو فرد القيام بعمل يهدد حياة الآمنين والاحتفاظ بها كي لا يقال إن تعاوناً قد حصل مع الأجهزة الأمنية.