ستظل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية عبر التاريخ وفي كل العالم لم ولن تتغير أبداً، فالمصالح الأمريكية فوق كل اعتبار، فليس لواشنطن أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون أيضاً، فكل من يقف عقبة في وجه مصالحها يجب أن يزاح كما تزاح حطبة الشطرنج، بينما العالم كل العالم مع الأسف الشديد يستجيب لقواعدها السياسية التي كرستها ورسمتها عبر معاييرها المزدوجة ضد بقية الدول الضعيفة بكل صلافة، متخذة من قوتها مسرحاً لكل ظلم عبر تاريخها الحديث.نحن نقر بأن الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، لكن ليس أعدل دولة، فهناك الكثير من السياسات التي تتبناها هي في الأساس ضد إرادة الشعوب والدول المستقلة، ولهذا فهي لا تكترث كثيراً بالنداءات والإصلاحات التي تحاول الكثير من دول العالم والشعوب القيام بها، إذا كانت تتعارض والمصالح الأمريكية، فما يهم أمريكا هو مصالحها فقط، ومن ثم ترتيبها وفق أجنداتها السياسية.في كل الدول العربية، ومنذ ما يسمى بالربيع العربي، لم تستقر الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة واضحة وواحدة حيال دول وقضايا المنطقة، فتارة تصعد نبرتها ضد الحكومات العربية، وأخرى تؤيد الحركات الشعبية حتى لو كانت حركات إرهابية، وهذا النفاق الدولي والسياسي الصادر من أعظم دولة في العالم يضرب مصداقيتها في مقتل، وبذلك تفتقد واشنطن اليوم للمصداقية وعدم الطمأنينة من طرف حكومات وشعوب المنطقة، بسبب سياساتها الرعناء وغير الواضحة تجاهنا كلنا.تصريحات واشنطن بدت مستفزة للغاية، خصوصاً تجاه دول وشعوب الخليج العربي وبالأخص البحرين، فيمكن لها أن تقف مع الحكومات في النهار، وفي الليل مع الشعوب، بينما في الواقع لم يتغير أي شيء من النهار إلى الليل، لكنها الفوضى التي يمكن أن تخلقها أمريكا بين الحكومات وشعوبها، فتزعزع بذلك أمن دولنا وتقلل من فرص الحل في وقت الأزمات، كما أنها بهذا الفعل تسلب الثقة بين الحكومات والشعوب بسبب إثارة الفتن السياسية، حيث تؤكد دعمها للحكومات الخليجية وتارة تؤكد مشروعية الحركات الشعبية في اليوم الواحد!تتغاضى أمريكا اليوم عن كل ما يجري في أمريكا من مشاكل اقتصادية واجتماعية عبر حزمة من السياسات العنصرية التي تمارسها في الداخل، بينما تجاهر برفضها العنصرية في الخارج، ومن سوء حظ الحكومات أنها تمدح واشنطن حين تقف معها في النهار، كما من سوء طالع الشعوب أن تفتخر بمواقف واشنطن تجاهها في الليل، والسبب هو تصريحات الدولة العظمى المتناقضة حول ملفات الحكومات والقوى المعارضة.ننصح حكومتنا وكل القوى السياسية ومعها كل فئات الشعب أن يحذروا من الإعلام الأمريكي المعادي للبحرين، ذلك الإعلام الذي لم يسلط الضوء على الإيجابيات فراح يغمض عينيه عنها، مفتشاً عن أي زلة لأجل تضخيمها، فإعلام متذبذب ومنافق لا يمكن أن نثق به، كما لا يمكن أن يغض الإعلام الأمريكي طرفه عن المشاكل الداخلية لأمريكا، ومن أهمها وأكثرها وضوحاً هي سياستها المتمثلة في معاملاتها العنصرية تجاه السود، وفي تحكم اللوبي الصهيوني في قراراتها الأممية. شكراً أمريكا، فنحن أدرى بشعابنا، ودعينا نستقر في منطقة الخليج العربي دون أي نصيحة من صحفك الصفراء، أو من مصادر قراراتك المشبوهة.