ذكر لي أحد الأمريكان من أصل عربي، وهو رجل مهتم باللغة ومفرداتها، أنه يحصي سنويا 2000 مفردة جديدة تظهر في أمريكا وحدها، تستخدم في اللهجة الدارجة، والمقصود بالمفردة الجديدة هو استخدام كلمة ما للدلالة على معنى مغاير لمعناها الأصلي أو تركيب كلمة جديدة للدلالة على معنى معين، ومن لا يواكب اللغة وتطوراتها قد يسمع جملة معينة فيفهم منها غير المراد لأن المعنى المقصود مختلف تماماً، وهذا حاصل عندنا أيضاً في لهجاتنا الدارجة، فمثلاً من لم يزر مصر ويعتمد في فهمه للهجة أهلها على الأفلام ثم انقطع عن مشاهدتها في السنوات العشر الأخيرة وعاد لمشاهدتها الآن، قطعاً لن يفهم معنى كثير من الكلمات الواردة في الفيلم لأنها ركبت حديثاً.كل هذا مفهوم ومقبول، لكن من غير المفهوم أن تتفق دول مثل روسيا وإيران على تغيير كلمة «عصابات» المرعبة وتبدلها بكلمات أخرى أنيقة تمنح حاملها احتراماً وثقة مثل «خبراء» و»مستشارون»، كان ذلك أول مرة عندما أرسلت إيران عصاباتها وميليشياتها إلى العراق وقالت للعالم دعمنا العراق في مواجهته تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» من خلال إرسالنا لعدد من الخبراء والمستشارين، فاعتبرت قاسم سليماني ومجموعة جنرالات فيلق القدس والمئات غيرهم من عصابات هذا الفيلق الإرهابي الذين ينشرون القتل في العراق، اعتبرتهم خبراء ومستشارين.ونسمع اليوم هذا المصطلح مرة أخرى من روسيا، فبعدما كثر الحديث في الأيام القليلة الماضية عن تعزيزات للقوات الروسية في سوريا، نطق الكرملين ليؤكد أنه لا يوجد تعزيزات وهذه القوات هي عبارة عن «خبراء ومستشارين» مهمتهم دعم بشار الأسد وجيشه السوري الذي يمثل القوة الوحيدة القادرة على مواجهة تنظيم «داعش»، مرة أخرى المرتزقة والعصابات الروس أصبحوا كإخوانهم الإيرانيين «خبراء ومستشارين» وكلهم يقاتل «داعش»، ليسوا وحدهم فأمريكا سبقتهم عندما أرسلت 2000 شخص مقاتل إلى العراق قبل سنة ووصفتهم بالخبراء والمستشارين، ما هذه القضية التي أصبح الخبراء والمستشارون فيها بالآلاف؟، طيب بالنسبة لحسن نصر الله ماذا ينتظر؟، لماذا لم يسم عصاباته بالخبراء والمستشارين لغاية الآن؟!ولو افترضنا جدلاً أن كل «هؤلاء الخبراء والمستشارون» جاؤوا ليضعوا «خبراتهم» في قتال «داعش» والتخلص منه، لماذا إذاً لا يقتلون إلا الأبرياء ولا تسقط براميلهم التي أشاروا بها على من استقدمهم «بشار والعبادي والمالكي» إلا على الأبرياء في المدن السورية والفلوجة والرمادي في العراق، ولا تضرب «داعش»؟ ولماذا لم نر في الهاربين من الموت المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر إلا الأطفال والنساء ومن معهم من الرجال ولا نجد أفراداً من «داعش» يهاجرون، بينما بدأ جزء كبير من أفراد الميليشيات المحلية الذين عملوا تحت إمرة هؤلاء «الخبراء» يهربون الآن إلى أوروبا؟لا تستبعدوا بعد كل هذا أن تعترض العصابات في العالم على تسميتها «عصابات» وتطالب أن يكون اسمها «مجموعة الخبراء والمستشارين».
Opinion
لم يعد اسمها عصابات
12 سبتمبر 2015