من أجل رجل دموي مازال يتشبث بحكم دكتاتوري ويجلس على عرش من الجماجم تدعمه دولة كارهة للعرب، يدفع العالم ضريبة هي الأولى من نوعها من ناحية «الفداحة» الإنسانية، بعد كوارث الحرب العالمية.قرابة سبعة ملايين سوري هجروا من بلادهم وهربوا بسبب إجرام غير مسبوق يمارسه نظام «الجزار» بشار الأسد، ليبقى الأخير يتفرج على العالم من شرقه إلى شماله وهو يعاني من أجل استقبال هؤلاء اللاجئين. هناك من تناول الموضوع من عدة زوايا، وأعني موضوع اللاجئين، فبعضهم اعتبر التحرك الإيجابي للدول الأوروبية على قدر استطاعتهم في استيعاب الأعداد، بمثابة رغبة في استقطاب أيدي عاملة لتلك البلاد. في حين رأى البعض بأنها فرصة لـ»تنصير» المسلمين المهاجرين ودفعهم لترك الإسلام، خاصة بربط المسألة بدعوة بابا الفاتيكان لمسيحيي أوروبا بفتح أبوابهم لاستقبال اللاجئين. في جانب آخر البعض رأى بأنها نعمة للمسلمين بأن ينتشروا في الدول الأجنبية ما يعني زيادة نسبتهم. ودون الخوض في تفنيد كل هذه السيناريوهات، نقول بأن أساس المسألة كلها يرجع لأمر واحد لا غير، أمر لا يجب نسيانه والتغافل عنه، بحيث لا يضيع أصل القصة ويظل العالم ينشغل بالتداعيات وتفاصيلها. لابد من تكرار وترسيخ إجابة السؤال التالي على الدوام، إذ: من دفع قرابة سبعة ملايين سوري لترك بلادهم والهجرة منها؟!والإجابة يعرفها العالم بأسره، من صغيرهم إلى كبيرهم، وهي: مجرم الحرب السفاح بشار الأسد. وعليه فإن حل مشكلة اللاجئين يتمثل في شيء واحد لا غير، هو بإزالة هذا المجرم، وتحرير سوريا من قبضته وسطوته ومن أزلامه وطوابير إيران الخامسة بل قواتها الرسمية وقوات حزب الله وغيرهم. أتذكر هنا في البحرين تلك الدعوات الموتورة للانقلابيين في عام 2011 لإقحام الأمم المتحدة في شؤوننا والسعي لتدويل القضية البحرينية رغم أنها تشير بوضوح لمحاولة انقلابية عنصرية طائفية تقودها مجموعة عميلة لإيران، ورغم أسلوب الدولة البحرينية المتقدم في التعامل، إلا أن البكاء والنواح لأجل إقحام جمعيات حقوق الإنسان و»هيومن رايتسط وغيرها كان على أوجه، رغم أن الضحايا كانوا من الجانبين، ومن سقط من جانب الانقلابيين كان نتيجة مواجهات مع قوات الأمن وبسبب أعمال إرهابية مسلحة، في حين أن عدد الشهداء والمصابين في الجانب الرسمي أكبر. رغم صغر ما مررنا به من ناحية الأرقام والنواحي المعنية بحقوق الإنسان والحريات، إلا أن محاولات التدخل كان لها صوت يدعو لها ويطالب حتى الأمم المتحدة بها، وكان هناك ضغط أمريكي واضح يمارس.لكن المخجل أن هذا استهدف البحرين التي يعترف الأمريكان بأنفسهم بأنها بلد أمان متقدمة في منظومات حقوق الإنسان والحياة المدنية، وبشهادة الأمم المتحدة التي تكرم بجوائزها قادة البحرين مرات عدة، بل تتحرك من خلال بيت الأمم المتحدة الإنمائي في المنامة وبتعاط إيجابي من أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، المخجل أن هذا الاستهداف لم يكن بنفس القوة والحجم والعزم الذي طال سوريا رغم الإجرام الصريح فيها. ما يحصل في سوريا من انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب وتهجير للمواطنين، ونتيجته كارثة تدفع ضريبتها دول العالم بأسره، ليس سوى «وصمة عار» في جبين الأمم المتحدة أولا، وفي جبين الولايات المتحدة الأمريكية ثانياً. من أجل جرائم الحرب في البلقان تحركت قوات «الناتو» وتفاعلت الأمم المتحدة، ومن أجل القضاء على النظام العراقي وملاحقة تنظيم القاعدة وطالبان تحركت الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً ولم تنتظر ضوءاً أخضر من أحد. لكن في سوريا التي يقتل فيها مجرم سفاح ديكتاتور شعبه، وهجر سبعة ملايين منهم، وطال أذاه حتى دول العالم، مازال هذا الذيل الإيراني جالساً على كرسيه، بينما الأمم المتحدة لا تفلح إلا في «القلق» والولايات المتحدة الأمريكية لا تعرف إلا تصدير «الكلام الفاضي». وعليه، فكل من يريد التنظير علينا بشأن حقوق الإنسان وغيرها من أمور، رجاء ليسكت، ليذهب أولا ليطبق ما يقوله على جزار سوريا، لينجح في إعادة سبعة ملايين سوري إلى بلادهم بعد تحريرها من الطغاة ومنتهكي حقوق الإنسان، بعدها ليتجرأ ويكلم الآخرين.