من لديه قضية يؤمن بها لا يمكنه أن ينساها أو يتقاعس عنها بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف، فما بالكم بأن تكون هذه القضية هي «الوطن» نفسه. هناك من يدافع عن قضايا باطلة ضد الوطن أو بالأصح ضد وطنه الذي أكل من خيره وأكرمه وأنعم عليه، لكن في تفنيد ذلك، هو يعمل من أجل أجندته التي يقتنع بها ويؤمن بأن عليه بذل الجهد ليحققها. ومقابل هذه النوعية، نقول بأنه من الأحرى أن يكون المدافعون عن الوطن هم أكثر فعالية وأكثر همة وألا يكون التقاعس في قاموسهم على الإطلاق. مئات الآلاف هبوا للدفاع عن البحرين في أزماتها، وبالأخص في مؤامرة الخيانة والانقلاب، كثيرون منهم لم ينتظروا دعوة ليبدؤوا الدفاع، ولم ينتظروا وعوداً بمكاسب حتى يتفانوا في حماية الوطن بأي وسيلة متاحة، بل لم يحسبوها بمعادلة «هذه بتلك»، رغم أن هناك من حاول أن يعتاش على «هم» الوطن وظروفه، وهؤلاء سرعان ما تنكشف سريرتهم حينما يخنعون للدعة والراحة والابتعاد عن المواجهات ولحظات الحقيقة. الدفاع عن الوطن أرقى أنواع الدفاع، بل هو الدفاع المقدس الذي يفرز مكنونات النفس والقناعات ويكشف مدى حب الوطن. نقول ذلك ونؤكد عليه، لأننا لا نملك أغلى من البحرين، ولا يمكن في يوم من الأيام أن نتردد لحظة في الدفاع عنها إن دعتنا، هذه مسألة تحركها الدماء الوطنية في العروق، تحركها دافعية الفرد من منطلق ولائه وانتمائه. حتى حينما تكون هناك لحظات إحباط، ومواقف مبهمة في معالجاتها بعضها يدفع الناس للتعبير عن الاستياء، إلا أن ذلك يذهب من فوره حينما يصدح نداء الواجب، وحينما يتم استهداف بلادنا. حصل ذلك في عديد من المواقف وثقها التاريخ، في لحظات الاستهداف، في مواقف الخيانة والانقلابات، في ساعات الإرهاب وإقلاق المجتمع، في هذه اللحظات ترى المعادن الأصيلة، ترى المواطنة الحقة، وترى حب الوطن كيف يتجلى. وعليه فإن تبرير هدوء بعض الجهات والأفراد، سكون بعض مؤسسات المجتمع المدني، تقاعس البعض عن الدفاع، كلها مبررات لا يجب أن تقبل، بل من المعيب أن تذكر حينما تكون سمعة البلد على المحك.البحرين بلد يعرف أهله بأصالة المعدن، وبقوة الولاء والانتماء، بالتالي المخلصون لها لا يحتاجون لدعوات حتى يدافعوا عنها، لا يحتاجون لأموال وتمويل حتى يستنهضوا الجهود. نعم التمويل والدعم بأوجهه المختلفة مطلوب، لكن ماذا لو لم يوجد، هل يكون التقاعس هو الحل؟! هل تكون السلبية نتيجة مقبولة؟! هل يكون ترك الساحة للمغرضين وأصحاب الأجندات والاستهدافات مسألة لا غبار عليها؟! لا والله، بل الدفاع عن الوطن أقلها بالقول والكلمة أمر لا يعجز، الدفاع عنه بالتصدي للأكاذيب والفبركات والتجني أمر لا يسكت عنه إلا خانع. عدوكم، كاره هذه الأرض وعروبتها وانتماءها للخليج العربي، الحاقد على وحدة شعبها المخلص، الناقم على نظامها، الساعي لاختطافها لأجل أجندة إيرانية مكشوفة ومفضوحة منذ عقود، عدوكم لا يهدأ ولا يركن لأن هدفه اختطاف الدولة بأكملها، ولأن هناك من يموله ويعده ويخطط له ويسهل له. بالتالي التصدي لهم مهمتنا ومهمة كل مخلص، بأي وسيلة متاحة ممكنة، وحسب الاستطاعة المتاحة، لا انتظاراً لمكافأة أو مكسب، إذ المكسب الأكبر هي البحرين وصونها وحمايتها من كل معتد أثيم. لتبقوا كلمة المشير حلقاً في آذانكم «وإن عدتم عدنا»، ونحن لها إن شاء الله.
Opinion
الدفاع عن الوطن.. لا يحتاج دعوة
13 سبتمبر 2015