تواجه أزمة المهاجرين واللاجئين السوريين والعراقيين الهاربين من نيران الحرب إلى أوروبا؛ يواجهون حرب «العنصرية الدينية» على الرغم من أن الأدبيات العالمية تمنع فيما يتعلق بحق اللجوء انتقاء اللاجئين وفقاً لانتمائهم الديني.رفض بلديتا روان وبلفور الفرنسيتين استقبال لاجئين مسلمين، فيما تفتحان أبواب مدينتهما للاجئين المسيحيين، تخوفاً من وجود خلايا جهادية مندسة بين المهاجرين، يُعزز الخطاب التمييزي في فرنسا خاصة بعد أزمة «شارلي إيبدو» التي جعلت الغالبية تنظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، دونما اعتبار لمسببات الأزمة.خطاب التمييز الديني الذي بدأ يظهر في فرنسا مع أزمة اللاجئين، وشملته دول أوروبية أخرى أعلنت أنها تفضل استقبال لاجئين مسيحيين بينها قبرص وسلوفينيا وبولندا والتشيك، هو حلقة أخرى من حلقات «استراتيجية أسلمة الإرهاب»، التي كتبنا عن حلقاتها سابقاً في هذه المساحة، ابتداء بـ 11 سبتمبر -التي مرت ذكراها الرابعة عشر يوم الجمعة الماضي- ومروراً بـ «الرسومات المسيئة»، ومحاولة جر العالم لإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين وفق استراتيجيات متقنة ومحبوكة.يقول المحلل والكاتب السياسي ماثيو كيدار في حديث لإذاعة «مونت كارلو»: «يحاول السياسيون ربط ملف الهجرة بأزمة الإسلام السياسي والإرهاب، والجمع بينهما قد يؤدي إلى تسييس قضية اللاجئين داخلياً، وأفرغت من كونها قضية إنسانية بحتة».هناك مخاوف أوروبية من التغيرات التي يمكن أن تحدث مستقبلاً، عبر عنها رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان، إذ اعتبر في أوائل الشهر الماضي أن هذا التدفق الكبير للاجئين إلى أوروبا، وهم من المسلمين في غالبيتهم، يشكل تهديداً لهوية أوروبا المسيحية، وذات الأمر قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فقد صرحت بأن ما تشهده ألمانيا الآن من شأنه «تغيير بلادنا في السنوات المقبلة»، فيما أظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة «Ifop» مؤخراً أن 56% من المواطنين الفرنسيين يتصورون أن بمقدور إرهابيين من جماعات متطرفة مثل «داعش» دخول فرنسا وهم متنكرون كلاجئين.ومع ذلك فإن الإشكال الرئيس هو ما يحدث في ألمانيا من تغيير العديد من طالبي اللجوء، غالبيتهم إيرانيون وأفغان، دينهم واعتناق المسيحية، عبر تبريرات على شاكلة «تحسين حظوظهم للبقاء في ألمانيا»، وهو ما يدفع إلى أن مثل هذه التوجهات تُعزز الاعتقاد بأن هناك مساعي لإفراغ الشرق الأوسط (سوريا العراق) من سكانه وتحويلهم إلى مسيحيين.ويساعد في هذا المنحى تنظيم «داعش» باستهداف المسيحيين والمسلمين في سوريا والعراق وليبيا، ويُعزز ذلك التصريحات التي كشف فيها ضابط الاستخبارات البريطانية في جهاز مكافحة الإرهاب تشارلز شويبردج، في تصريحات لفضائية «روسيا اليوم» عن أن الاستخبارات البريطانية والأمريكية تقفان وراء صناعة «داعش».لماذا لا تنتبه الدول الإسلامية وتبادر إلى إيواء اللاجئين بدلاً من البكاء فيما بعد على اللبن المسكوب؟