«لقيت طفلة لم تتجاوز أربعة أشهر من عمرها في إحدى الدول الخليجية مصرعها على يد خادمة (آسيوية) قامت بإغراقها في غسالة ملابس معبأة بالمياه، حيث أنها اتجهت إلى الغسالة الممتلئة بالمياه حاملة الطفلة بين يديها لتضعها بها حتى فارقت الحياة». تصدر هذا الخبر غالبية الصحف الخليجية والعربية قبل أيام، حيث أحدث مقتل الطفلة ضجة واسعة على مستوى الشارع الخليجي.ما أن تهدأ حرارة الخبر المؤلم، حتى تعاود الأسرة الخليجية استقدام شغالتها من آسيا ومربية صغارها من أدغال إفريقيا، وكأن شيئاً لم يكن أبداً، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على سوء الثقافة الخليجية المتعلقة بالشغالات والعمال وغيرهم من الجنسيات الفقيرة، فليس لدى الأسرة الخليجية مشكلة أن تغرق ابنتها أو يقتل طفلها أو تسمم كل أفرادها من طرف شغالة أجنبية، فهذا أمر يحزن له القلب لأيام ويزول، ثم تعاود بعد انقضاء الألم استجلاب شغالاتها ومربياتها من أجل ذات المصائب التي اكتوت بها من قبل!يجب على الخليجيين «البطرانين» أن ينظفوا ملابسهم ومنازلهم وسياراتهم بأنفسهم، وأن يطبخوا طعامهم في مطابخهم بأيديهم، وعليهم أن يتفرغوا ولو قليلاً لتربية وتعليم صغارهم، فإلى متى هذه الأفعال البدائية وغير الإنسانية من طرف الكثير من العوائل تجاه أفرادها وصغارها؟ وإلى متى ستظل الأسرة الخليجية تعتمد على الشغالات؟ ومتى ستستوعب إن اضطرت لجلبهن أن تعطيهن كامل حقوقهن العمالية والإنسانية؟يجب أن تقام حملات رسمية وشعبية، سواء من طرف الحكومات أو من طرف منظمات المجتمع المدني لمقاطعة مكاتب استخدام العمالة، خصوصاً للشغالات والمربيات، تلكم المكاتب التي تتاجر بحياة البشر بطريقة رسمية وقانونية مع الأسف، كما أنها تستغفل المواطن في مقابل إهانة كرامة المستقدمين من العاملين والشغالات، وكل ذلك من أجل المال.لو أحببنا أن نطرح القصص المأساوية التي تتصدر سلوكيات الشغالات والمربيات في البحرين وبقية دول الخليج العربي لاحتجنا إلى مجلدات، بل بعضها يصلح لأن يكون فيلماً سينمائياً أو رواية عالمية، بطلها شغالة معنفة أو جاهلة، وضحيتها أطفال صغار أبرياء، تلكم التي عادة ما تكون من إخراج صاحب مكتب لا يملك ذرة من ضمير.لا أعلم أين الجهات الرقابية والأمنية والرسمية التي من أهم وظائفها حماية المواطن البحريني من التلاعب بماله وعائلته من طرف رجل نزق يملك مكتباً للخدم؟ وحبذا لو عرفنا ما هي نوعية التفتيش والمراقبة التي تقوم بها الجهات الرقابية لتلكم المكاتب التي تعتمد على تجارة البشر باسم القانون؟جرائم إنسانية أبطالها غالبية أصحاب مكاتب استقدام الشغالات والمربيات، بالاشتراك مع غالبية الأسر البحرينية التي لا يهمها كيف تأكل أو تشرب أو تعمل أو حتى تربي صغارها، بقدر اهتمامها بالبرستيج المجتمعي الذي يعطي للأسرة التي تمتلك أكثر من شغالة ومربية وسام شرف وافتخار، حتى ولو كان ذلك على حساب إنسانيتها وقيمها وفضائلها... للحديث بقية