إن كانت إيران تريد إيهام العالم بأن قلبها على منطقة الشرق الأوسط وعلى الشعوب المسلمة، فإنها تمارس كذباً من أرذل ما يكون. مشاكل المنطقة التي تدخل في خانة الاضطرابات وعدم الاستقرار مصدرها إيران في مقام أول، بعدها يمكن سرد قائمة بعض الدول الغربية التي ترى في هذه القلاقل «استثماراً» يدر عليها الكثير من الأموال والمصالح، دون نسيان الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من أية انقسامات إسلامية وعربية. فلسطين المحتلة وشعبها الصامد أكبر المتضررين من الكيان الصهيوني، لكن بقية دول الخليج العربي والمنطقة ضررها لا يأتي من إسرائيل بقدر ما يأتي من «جارة السوء» التي يفترض أنها دولة إسلامية انتماؤها الديني يحتم منطقياً وقوفها في صف متلاحم مع بقية المسلمين. لكن على العكس، إيران بنظامها المعتاش على الطائفية المذهبية المنكل بشعبه القامع لمعارضيه ومنتقديه من الداخل، لا تكترث بأمورها الداخلية بقدر ما تسعى لتنفيذ حلم يشابه حلم العدو الصهيوني، حلم «إسرائيل الكبرى» ينافسه في المنطقة حلم «الدولة الصفوية» التي تدار من مرشد واحد يدعي أنه لسان وإرادة الله، والله بريء مما يدعون. كم هي محاولات زرع أذرع إيرانية وصناعة طوابير خامسة في دول الخليج العربي؟! كم من عمليات تدريب لعناصر باعت ولاءها لأرضها واتبعت المرشد الإيراني ظنا منها بأنها تطبق تعاليم الدين، وأن هذا طريقها للجنة؟! كم من محاولات تهريب الأسلحة لدولنا هدفها تنفيذ عمليات إرهابية تسقط الأبرياء؟!إيران متخصصة في شؤون إرهاب الخليج، وبات لزاما اليوم اتخاذ مواقف خليجية موحدة أكثر صرامة معها. حتى حادثة الحج الأخيرة، هناك دلائل قوية على أياد إيرانية أرادت أن يحصل ما حصل لتستفيد منه سياسياً في إطار استهدافها للسعودية وبقية دول الخليج العربي. وزير الخارجية البحريني قال مؤخراً إن «كمية الأسلحة المضبوطة التي سعت إيران لتهريبها لداخل البحرين عبر عملائها كفيل بتدمير المنامة»، وهذه مسألة لا يقبل أن تمر مرور الكرام. دولة تهدد دول المنطقة بصفاقة، وتعمل بشكل واضح على التغلغل فيها وافتعال القلاقل الداخلية، دولة مثل تلك لا يمكن وصفها إلا بـ «جارة سوء» لا تتوب، دولة كارهة معادية، خطرها علينا بات أكثر من الخطر الإسرائيلي، وللأسف نقولها. خطابات التطاول من خامنئي، وتصريحات الاستهداف من خادمه قائد ذراعه العسكري حسن نصر الله تجاه البحرين ودول الخليج العربي واضحة في مضامينها وأهدافها، بالتالي من يقول إن إيران تريد السلام في المنطقة يغالط نفسه، إذ والله لولا خوفهم من استفادة الأمريكان والغرب وإقدامهم على الدخول لهم مثلما فعلوا في العراق، لما تردد الإيرانيون عن استهدافنا عسكرياً. بالتالي، يخطئ من يصدق الذئب حينما يحاول ارتداء لبس «الشاة»، هو يظل ذئباً يترقب لحظة لينقض عليها. دول مجلس التعاون الخليجي لا يقبل منها فقط التنديد والاستنكار الكلامي، بل حان الوقت لاتخاذ مواقف وأفعال، فمن يستهدفنا طوال هذه العقود، إن رأى بأن تصدينا له بالكلام فقط، فلن يمنعه ذلك على الإطلاق من مواصلة الاستهداف وتصعيد الأساليب.