لم يعد سعي إيران إلى المشاركة في تنظيم موسم الحج وفرض نفسها عضواً في هيئة تطوير الحرمين الشريفين سراً، فهذا الأمر صار يعرفه الجميع ويعرف أن إيران لن تتوقف عن محاولاتها لتحقيق هذا الهدف وبالتالي فإن من الطبيعي أن تزيد من جرعة الانتقادات للمملكة العربية السعودية كلما حل موسم الحج وتبحث عن كل خطأ يحدث وإن لم يكن للسعودية وتنظيمها علاقة به.إيران تعتبر نفسها المسؤول الأول في العالم عن كل ما له علاقة بالدين الإسلامي، ومن زار سوريا في السنوات الأخيرة لا بد أنه لاحظ كيف أن إيران تسلمت من حكومة بشار الأسد مسؤولية الإشراف على المراقد المقدسة وتطويرها في دمشق وخارجها، ومن يتابع تطورات الوضع في العراق لا بد أنه لاحظ كيف أن إيران تسعى للاستفراد بالإشراف على العتبات المقدسة في هذا البلد الجريح، فإيران تعتبر نفسها أيضاً المسؤول الأول والأخير عن الشيعة في العالم، تتحدث باسمهم وتسعى لمصلحتهم والوحيدة التي يمكنها أن تدافع عنهم، فهي المرجعية، شاء من شاء وأبى من أبى.بالكيفية نفسها تريد إيران أن تصير عضواً في هيئة تطوير الحرمين الشريفين وفي هيئة تنظيم موسم الحج أملاً في أن تصير هي الوحيدة المسؤولة عن كل ذلك مستقبلاً. كل ما يقوله المسؤولون الإيرانيون عن تنظيم موسم الحج وما يعتبرونه أخطاء ترتكبها السعودية هو لخدمة هذا الهدف، لهذا ستستمر إيران في توجيه النقد اللاذع للسعودية حتى توافق على إدخالها شريكاً في عملية تنظيم موسم الحج وتطوير الحرمين الشريفين. ولأن هذا غير وارد لدى الشقيقة الكبرى وترفضه جملة وتفصيلاً لذا فإن إيران لن تتوقف عن ترصد الأخطاء مهما صغرت ولعلها تتسبب في حصولها كي تتيح لنفسها انتقاد السعودية.اليوم بإمكان إيران أن تصدر كتاباً في ألف صفحة من القطع الكبير عما تعتبره أخطاء السعودية في تنظيم موسم الحج، ولكن بإمكان من يطالع ذلك الكتاب أن يرى ذلك الهدف بوضوح ويلمس أيضاً مقدار الحقد الذي تكنه هذه الدولة الفارسية لكل ما هو عربي وللسعودية تحديداً وكيف أنها تعتبر نفسها الإسلام وأنها هي فقط المعنية بحمايته وتحمل مسؤولية كل ما له علاقة به.من هنا جاءت الحملة الكبرى التي شنتها إيران على السعودية في أعقاب حادث منى الذي جاء بعد أيام من حادث سقوط الرافعة على الحرم المكي، وهي حملة لن تتوقف وستبذل إيران قصارى جهدها للاستفادة من تلك الأحداث والأخطاء التي تحدث في كل مواسم الحج.لعل من المناسب هنا الإشارة إلى أن حصول أخطاء في موسم الحج أمر طبيعي، والسبب هو أن الحجاج ينتمون إلى ثقافات مختلفة ويأتون من بيئات مختلفة، ولغاتها مختلفة، ولكل منها ظروفها الخاصة، كما إن تنظيم فعالية بهذا الحجم يختلف تماماً عن تنظيم حفل تسليم جوائز سيحضره ألف أو ألفان أو حتى عشرة آلاف أو تنظيم أي فعالية لا تستوجب أداء مناسك في أوقات محددة وفي مساحات لها حدود لا يجوز تجاوزها من قبل الحجاج.تنظيم موسم الحج ليس بالسهولة التي تعتقدها إيران التي لم تتمكن من إثبات نجاحها في تنظيم الكثير من الفعاليات البسيطة، الدينية والرياضية وغيرها، كما إن السعودية تمتلك من الخبرات في تنظيم هذه المناسبات والفعاليات ما يجعلها تحاسب نفسها على كل خطأ يحدث حتى لو كان سببه الآخرون، وهو ما بدأته بعد حادث منى مباشرة حيث صدرت الأوامر الملكية بدراسة تفاصيل التفاصيل كي لا يتكرر ما حدث مستقبلاً، دون أن يعني هذا أن حج العام المقبل سيكون خالياً من أي حوادث أو أخطاء.
Opinion
إيران تريد تنظيم الحج
30 سبتمبر 2015