معروف للجميع قصة إبليس، وإغوائه لأبي البشرية آدم عليه السلام، ثم مناصبته العداء له ولذريته إلى يوم الدين.وقد حذر الله ذرية آدم منه، وبعث بالرسل تترا لتهديهم سبل الرشاد، وتضيق الطريق على إبليس وذريته، لكنه وبسبب علمه بنهايته المأساوية المحتومة بعدل من الله وبما تكبر بغير الحق وتجبر، لا يهدأ له بال حتى يورد معه جموح من البشر في قعر الجحيم.ومع علمه اليقين أنه ليس بمقدوره الوسوسة في خلد الأنبياء والمرسلين لكن ذلك لم يمنعه من التعرض لأبي الأنبياء إبراهيم ليصده عن امتثال أمر الله في ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام، لكن إيمانهما المطلق وانصياع وطاعة الابن وثباتهما، قطع الطريق عليه رغماً للعديد من محاولاته البائسة، وفدى الله ذلك الابن البار بأبيه بذبح عظيم، وسن بعدها رجم الشيطان عند موقع الذبح، وأصبحت شعيرة يؤديها حجاج بيت الله منذ ذلك اليوم وإلى أن تقوم الساعة، ولا يوجد أيام في العام يهان ويستحقر فيها الشيطان وذريته مثل تلك الأيام «أيام التشريق». وبالرغم من إرهاصات الحياة وملازمة إبليس لنا ومنذ ولادتنا وحتى رحيلنا وعدم غفلته عنا في أدق تعاملاتنا وتصرفاتنا لكنه قد صفد بالتزام النصوص الشرعية وطريقة التعاطي معه معروفة، ونحن بين غالب ومغلوب، لكنه لنا أيام معه قد مكننا الله من استحقاره، فلنا معه ثأر لأبينا وهو سبب لهبوطه إلى الأرض وتحملنا شقاء الدنيا فهو يستحق منا الرجم كل يوم.لكن للإنصاف نقول إن بعضاً من بني البشر قد فاق الشيطان في أذاه وخبثه ومكره، فسلاح إبليس الوحيد هو الإغواء والوسوسة، وليس له سلطان إلا على الذين يتولونه وهم به مؤمنون، أما المجرمون والقتلة من بني البشر الذين يعيثون في الأرض فساداً فقد ابتدعوا الكثير مما غفل عنه إبليس وأهلكوا الحرث والنسل، وقد تفوق بعضهم عليه بمراحل، فإن كان إبليس يغوي بني آدم بالمعاصي فباب التوبة والندم مفتوح، لكن المصيبة تحل عندما يتصدى للدعوة والإغواء أبالسة الإنس من الضالين المضلين الذين يختبئون تحت عباءة الدين، والذين ضحكوا على الجهلة، وبرروا وأحلوا وشرعنوا لهم كل أبواب الحرام، والإرهاب والإجرام، وهم اليوم يشكلون جبهة عريضة في نشر الفساد في الأرض.وغدا بعضهم لبعض ظهرياً، فلا تنفع معهم وتصفدهم قراءة المعوذتين، ولا المزيد من الاستغفار، ولا كثرة الركعات.فكيف السبيل لتحجيم قوة أشرار البشر وتفادي شرورهم؟إن ما تقترفه اليوم إيران وميليشياتها والمجاميع الإرهابية التي لا دين لها ولا تمت للإنسانية بصلة من جرائم كل يوم ضد البشرية يكاد معها الشيطان أن يكون تلميذاً يفك الحروف في المرحلة الابتدائية بين صفوفهم، فقد وصلوا مرحلة مستطيرة من الإجرام! إنهم يفعلون بمن يخالفهم من العذاب ما لم يقترفه أصحاب الأخدود ولا حتى فرعون أو ثمود، إنهم يذبحون الرضع، ويبقرون بطون الحوامل، ويغتصبون النساء، ويحرقون الناس وهم أحياء ويتجمعون حولهم ليتدفئوا بهم من برد الشتاء، ويعلقوا البشر كالذبيحة حياً، ويوقدوا تحته النار ثم يقطعوا لحمه بالمنشار، وكأنه «شيش شاورما»، أو «غوزي» معد للطعام، وهذا ما تناقلته وبثته مقاطع الفيديو عن فعل أحد مجرميهم المدعو «أبو عزرائيل»، وهو يعذب ويمثل برجل أعزل يختلف معه في المعتقد من محافظة صلاح الدين في العراق المنكوب، ويردد عبارته المشهورة استفزازاً «الا طحين» أي سنسحقكم ونجعلكم كالهباء المنثور، فضلاً عن تفننهم في نهب خيرات البلاد وإفقار العباد.لقد فاقوا النازية، ومحاكم التفتيش الإسبانية، وهولاكو، والتتار، ولم يسبقهم أحد في الإجرام!فلو وضعنا إبليس وذريته، وإيران وأتباعها وميليشياتها في كفتي الميزان، لطاشت لا محال كفة الشيطان!!