تبعد عنها بقارات ومحيطات، لم تهددها قط، ولم تدعم فيها جماعات إرهابية، ولا انقلابية، لم تبنِ على شواطىء بحارها وأنهارها مفاعلات نووية، ولم تهددها باحتلال أراضيها أو تفجير مصانعها وحرق غاباتها، فقط رأت أنها دولة إرهابية، لذا قررت أن تقطع علاقتها معها، هي كندا التي أعلن وزير شؤون خارجيتها جون بيرد أن «كندا قامت بحظر إيران وإعلانها كدولة إرهابية وحظر سفارتها وطرد دبلوماسييها، فقط لأن إيران رفضت الامتثال لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة ببرنامجها النووي وزيادة مساعداتها العسكرية للنظام السوري».بينما برنامج إيران النووي يهدد سلامة الدول الخليجية، ومفاعل بوشهر النووي يهدد وجودها وحياة شعوبها، وزيادة عليه حكامها ومرجعياتها وصحفها ومذيعيها يهددون باحتلال الدول الخليجية، وبتفجير آبار نفطها، كما تدعم فيها المؤامرات الانقلابية ضد حكامها، وتمول الحركات الانقلابية بالمال والسلاح، وتفتح معسكراتها لتدريب مواطنين من دول الخليج، ليس خفية بل علانية، ولكن برغم هذه التصرفات العدوانية، بادرت الدول الخليجية بإرسال بطاقات التهنئة والتبريكات على الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، ودعت لها بالتوفيق والنجاح، كما تفاءلت بعض الدول منها بزيادة التعاون الاقتصادي معها، ظناً أنه قد يفلح مع دولة الشر بطاقة تهنئة أو علاقات متبادلة، بل هي دولة لا ينفع معها إلا المعاملة بالمثل، مثلما تعاملت معها دولة الخلافة الراشدة، حين لم تطل مع حكامها آنذاك الكلام ولا السلام، بمجرد خطاب يدعوها إلى دخول الإسلام، وإلا أتاها جيش جرار، هذه هي المعاملة التي تفلح مع المستكبرين الذين لا ينفع معهم إلا دق رؤوسهم، فلقد كانت دولة الخلافة الراشدة ليس لديها جيوش جرارة ولا أسلحة فتاكة، لكنها استطاعت بإيمانها وثقتها بنصر الله أن تحطم أكبر إمبراطورية في العصر، نعم دقت تاج كسرى وقطعته قطعاً، فهذا هو الدواء للأفعى بدق رأسها.يواصل بيرد حديثه بشأن قطع علاقة بلاده مع إيران، حيث قال إن «إيران تواصل توفير المأوى والدعم المادي للجماعات الإرهابية، حتى أثناء التفاوض على الصفقة النووية مع إدارة أوباما». نعم إنه بالتأكيد هذا ما يحصل أن إيران تدعم الجماعات الإرهابية، أي أن ما حدث في البحرين هي مؤامرة انقلابية قادها الإرهابيون الذين تأويهم إيران، منهم من يعيش في طهران، ومنهم في لندن، ومنهم في الدول الأوروبية الأخرى، فمن يجلس اليوم في جنيف، ويطير من جنيف إلى باريس، ثم إلى واشنطن، ويعود إلى بريطانيا، ثم يرجع منها إلى دوله، فمن يأويهم ويدعمهم ويمولهم؟!بيرد اعترفت دولته أن إيران هي من تدعم الإرهابيين، وقامت بما يتوجب عليها ضميرها الإنساني الذي لا تقف أمامه مصلحة اقتصادية ولا سياسية، ولم يلتفت إلى أعراف دبلوماسية لأن العرف الدبلوماسي الأصيل لا يقبل أن يتبادل العلاقات مع دولة إرهابية، فكيف بدولة أبادت الملايين من البشر في سوريا والعراق؟! وتدعم الفرق الانقلابية في دول الخليج، وتدعم الانقلاب الوفاقي في البحرين، وتدعم الانقلابيين في العوامية والقطيف، وتقدم الدعم للجماعات الإرهابية المعروفة مثل تنظيم الدولة «داعش»، وتدعم الانقلاب الحوثي في اليمن.هذه دولة الشر، لن تسلم من نواياها الخبيثة أي دولة خليجية، مهما كانت عمق علاقتها معها، وها هو القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد جعفري يعم ويشمل الجميع في تصريحه دون أن يكترث بحسن علاقة مع بعض الدول الخليجية، مهما قدمت له من دعم، حيث قال إن «بلاده توصلت إلى قوة لا مثيل لها، ولكن لا تريد ممارستها على أرض الواقع ولكن لو وصل ذلك اليوم ستسيطر قوتنا البحرية بالكامل على بحر عمان ومضيق هرمز والخليج بالكامل».بالتأكيد إن «عاصفة الحزم» كانت صفعة قوية لإيران كسرت «حنوكها» وطارت بعقلها، ولكن العلاقات الدبلوماسية هي الأولى أن تقطع، وكذلك أن ينظر في إقامة ميليشياتها الذين يتخفون تحت إقامات عمل، وهم قد يكونون من الحرس الثوري، وليس فقط إيرانيون، فقد يكونون حاملي جنسيات متعددة، إذن، الأمن الداخلي هو الأهم في المرحلة القادمة، ولا يتم ذلك إلا بإجلاء وإنهاء وجود العناصر الموالية لإيران بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، إنها ليست خطوة جريئة، بل هي خطوة عادية ومطلوبة في ظروف غير عادية.