عطفاً على مقالنا السابق «التعليم في خطر»، لم تتوقف ردود الفعل المؤيدة لما ذكرناه بخصوص وضعية التعليم في بلدنا الحبيب، إذ إن الكثير ممن هاتفني أو خاطبني، كان يشاركني الرأي فيما يمكن أن «ينصلح» في مسيرة التعليم في البحرين، فالمشاكل التعليمية والتربوية أكبر من أن يحصيها مقال.كعادته، أدلى التربوي المخضرم الأستاذ الذوادي بدلوه فيما يتعلق بمقال «التعليم في خطر»، حيث أتحفنا قائلاً «اتفق معك تماماً فيما ذكرته وذكره أولياء أمور ومعلمون، فأنا أكثر من عايش هذا السلوك القائم على التضليل، وإخفاء الحقائق والتلاعب بالألفاظ والأرقام والإنجاز الزائف والأساليب الملتوية لتدارك الأوضاع الحرجة والمشينة، التي تعيشها الوزارة منذ سنوات عديدة، والسؤال الأهم هنا، ماذا نتوقع من أجيال عايشت هذه الفلسفة من عاملين ومعلمين وطلبة في مؤسسات تربوية تسعى لبناء شخصية المعلم والمتعلم بناءً صحيحاً؟ ثم ماذا نتوقع من مخرجات تربوية سايرت تلك الأدوار والسيناريوهات مرغمةً وما هو المردود السلوكي والأخلاقي المنتظر منها؟ إن تلك السلوكيات تمارس يومياً أمام القائمين على العملية التعليمية دون أي خجل أو استحياء أو مراعاة لأبسط قواعد السلوك التربوي والأخلاقي. هناك في الميدان من تقبل تلك الأوضاع مرغماً وهناك من رفضها وغادر حفاظاً على كرامته وإنسانيته ويبقى السؤال: إلى متى تستمر هذه الأوضاع البائسة والمياه الآسنة وكيف يمكن إصلاح ما لحق من ضرر لأجيال بأكملها؟هذه الصرخة التربوية، ذكرتنا بالصرخات التي أطلقها أولياء الأمور حول نقص معلمات نظام الفصل في البحرين مؤخراً، على الرغم من امتلاكي لمجموعة من أسماء لمعلماتٍ عاطلات عن العمل منذ أكثر من ثمانية أعوام في ذات التخصص، كما هناك مدارس لم تنتظم فيها العملية التعليمية حتى الآن، ومدارس أخرى أتوا إليها بمعلمات «فن» يدرسن الطلبة والطالبات نظام فصل!لم تنته كارثة التعليم، حتى بدأت معها كارثة التربية، لعل آخرها شتم معلمة لطالب في المرحلة الابتدائية بأبشع الشتائم التي يندى لها جبين كل المربين في البحرين، وبدل من معاقبة المعلمة قامت إدارة المدرسة بتغطية هذه الجريمة التربوية حفاظاً على سمعة المدرسة وليس سمعة الطالب والعملية التربوية برمتها.يجب على المسؤولين بوزارة التربية أن يخرجوا من مكاتبهم العاجية لتدارك ما يمكن تداركه في قادم الأيام، فمشاكل التربية والتعليم صارت «تلاك» في فم كل بحريني صباحاً ومساءً، وها هي الانتقادات المدوية لمسيرة التعليم الحالية تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي بكل قوة، في الوقت الذي نجد فيه المسؤولين مشغولين بالتصوير وإقامة المهرجانات والمؤتمرات، في حين هناك من الطلبة الصغار من ينتظر معلمة فصل منذ أكثر من شهر، فهل هناك من رجل شجاع في مؤسساتنا التربوية والتعليمية يرد على هذا السيل من الانتقادات التي تحاول إرجاع سكة التعليم إلى مكانها الطبيعي؟ أم سيكون الصمت المطبق هو الرد؟ فلحديثنا بقية إن صمتوا.