التغيير أبداً لا يكون بمجرد إطلاق شعارات التغيير، أو بدء حملات إعلامية دعائية ترويجية بشأنه، التغيير كمفهوم لا يستقيم إن استخدم فقط كمصطلح نردده في كل تصريح وقول، بل التغيير - وبكل بساطة - إيمان قبل كل شيء. المولى عز وجل يقول: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». وفي هذا القول جوامع للكلم واختزال مبهر، فكما بدأنا هذه السطور، التغيير من الاستحالة أن يتحقق إن لم نؤمن به، والأهم أن نبدأ بتطبيقه على أنفسنا.الآن لنتساءل ونحاول الإجابة بصدق وصراحة، أقلها لنكن صادقين مع أنفسنا، إذ أكبر جريمة ترتكبها بحق نفسك أن تحاول خداعها وإيهامها بتصديق شيء أنت لا تصدقه ولا تؤمن به أصلاً. لنتساءل بشأن المشروع الإصلاحي في البحرين والذي تجاوز مداه الزمني عقداً من الزمان، وكيف أنه قائم على أسس ومبادئ روحها التغيير. والسؤال يتمثل، بلماذا لم تتغير كثير من الأمور، رغم أن شعارنا التغيير ونوايانا الإصلاح؟! لماذا هناك مشكلات وحالات وأمور لم تتغير أوضاعها إلى الأفضل بل تغيرت إلى الأسوأ وتفاقمت وتعقدت؟! لماذا بعض العقليات المسؤولة مازالت تعمل ببرمجة قديمة لا تمكنها من قيادة التغيير وصناعة التطوير، بالتالي قطاعات في البلد حالها يتدهور، مشاكلها تتعاظم، وإخفاقاتها تتزايد؟! كل هذه الأمور مرتبطة بالإيمان، وأعني الإيمان بالتغيير، وتحوله لدى الإنسان لقناعة تنصهر فيه وتتمازج مع كيانه لتتحول إلى قيم من الصعوبة سلخها عنه، تتحول بعدها لمحركات له يضعها نصب عينيه في أي تحرك وعمل واجتهاد. حينما تريد أن تؤسس لثقافة التغيير، وأن تبدأ ثورة إصلاحية قوامها التغيير، وأن تصل لأهداف محددة تؤثر ايجاباً في الوطن والمواطن باستخدام أدوات التغيير، لابد وأن يقوم كل هذا على أكتاف وبسواعد مسؤولين يؤمنون بالتغيير. هذه هي الفرضية الجدلية التي يمكن الرجوع للاحتكام لها بناء على المشاهدات وقرن الأقوال بما يستتبعها - بالضرورة - من أفعال، إذ هل هذا الوزير أو ذاك المسؤول يؤمن فعلاً بالتغيير؟! هل هو يعمل من أجله، هل يستميت لتحقيقه؟! هنا مربط الفرس، وللأسف كثير من الشواهد من خلال متابعات وخبرات وتجارب واحتكاكات وتعاط مع شريحة كبيرة من المسؤولين تفرض عليك حالة استغراب واندهاش تتبعها حالة استنكار، إذ كيف يمكن لهؤلاء المسؤولين أن يصنعوا التغيير وهم لا يؤمنون به؟! كيف يحققونه ويسمحون له بأن يصبح واقعاً وهم يحاربون أي موظف لديهم يملك إيماناً به؟! وقيسوا على مثل هذه الأمثلة. فاقد الشيء لا يعطيه، ومن لا يؤمن بالتغيير والإصلاح الناتج عنه، لا يمكن أبداً أن يكون أداة للإصلاح والتغيير الإيجابي. المصيبة أننا ابتلينا بعدد كبير من ممارسي التمثيل الدرامي «إلا من رحم الله»، ممن يدعون أنهم مؤمنون بالتغيير والإصلاح وهم أول وأشرس من يحاربونه. هؤلاء نتمنى من الدولة أن تكتشفهم وتبعدهم وتعوضهم بمن يؤمن بمبادئ التغيير والإصلاح، بمن يمكن أن ينفذوا ويحققوا مبادئ وأهداف المشروع الإصلاحي لملكنا العزيز، فيكفي ما تم تشويهه من مشروعنا الطموح على يد هؤلاء.
Opinion
كيف يصنع التغيير.. من يحارب التغيير؟!
10 أكتوبر 2015