بعد ضرباتها الجوية مباشرة، روسيا تعلن أنها مستعدة لإجراء اتصالات مع الجيش الحر في سوريا، ثم لم تنتظر طويلاً حتى أسرعت إلى بريطانيا تطلب منها المساعدة في إقامة اتصالات مع الجيش الحر تنسق من خلالها العمليات في سوريا، لم يكن ذلك سراً إنما أعلنت عنه روسيا ببيان صدر عن وزارة خارجيتها، فما الذي تريده روسيا من الجيش الحر؟ما أعلنته روسيا أنها تريد من هذه الاتصالات والمحادثات أمرين، الأول بحث إمكانية مشاركة قادة الجيش الحر في العمل لوضع تسوية سياسية للأزمة السورية عبر محادثات مع نظام بشار الأسد، والثاني تنسيق العمليات بين الجيش الحر وجيش نظام بشار لقتال تنظيم الدولة «داعش»، وبالتأكيد ليس هذا ما تريده من الجيش الحر، لأن تنظيم الدولة «داعش» ليس هدفاً لروسيا حتى تبحث عن شركاء في هذا الجانب ودليل ذلك ضرباتها الجوية وصواريخها التي لم تستهدف «داعش» وكان 90% منها موجهاً للفصائل السورية التي منها الجيش الحر، كما أنها لا تريد تسوية للقضية السورية حتى تنسق مع الجيش الحر لتدخله في مفاوضات مع بشار، ما تريده حقيقة الحفاظ على نفوذها في سوريا، ولهذا السبب دخلت الحرب بشكل مباشر، صحيح أن سبب تدخلها هو حماية نظام بشار الأسد من الانهيار، بعدما أيقنت أن أمريكا وشركاءها في التحالف الدولي وصلوا إلى قناعة بأن لا حل في سوريا ما لم يغادر بشار السلطة، لكن حتى حماية بشار ونظامه جاءت من أجل حماية نفوذها في سوريا وليس لسواد عيونه.لكن يبدو أن روسيا لا تريد المراهنة على بشار وحده، وتجازف بمصالحها، خصوصاً وأنها تعرف الموقف العالمي منه وأن الجميع يريد إزاحته وقد لا تستطيع الاستمرار بحمايته والحفاظ عليه زمناً طويلاً، لا سيما وأنها تعلم أنه أصبح بدون جيش يقاتل به على الأرض وأن الشعب السوري وصل إلى مرحلة لا يمكنه بعدها قبول استمرار بشار حاكماً، لذلك عليها أن تجد البديل المحلي الذي يمكن أن تتفق معه، ولأجل ذلك اختارت الجيش الحر، ولهذا الاختيار أسبابه أيضاً، فهي لا يمكن أن تتفق مع «داعش» أو «جبهة النصرة» لأن العالم يصنفهم إرهابيين، ولأن هذه تنظيمات غير محلية، كذلك فإن الجيش الحر يتألف من عسكريين نظاميين ورجال عملوا في الدولة ويعرفون كيف تدار، والأهم من ذلك كله أن الجيش الحر يئس من أمريكا التي خذلته وأخذته مراراً إلى النهر وأعادته عطشانَ، بالإضافة إلى أنها فقط إذا حققت هذا الاتصال ستضيف شرخاً جديداً إلى المعارضة السورية زيادة على شروخها. حتى الآن، يبدو أن الجيش الحر مدرك لما تريده روسيا، لذلك رفض مبادرتها وأعلن أنه يرفض أي مبادرة تصدر منها مستقبلاً، وهذا ما سيفشل محاولاتها بهذا الخصوص.