تسير الجهود الخليجية في سوريا كناقة طرفة بن العبد، بين السير والعدو، لا تستقيم في سيرها. بينما تسير موسكو كحصان امرئ القيس، كجلمود صخر حطه السيل من عل. الحصان الروسي لم يأت للأزمة من الصفوف الخلفية، لكن ما لفت الأنظار هو سرعة انتقاله من الهامش إلى المركز، بعد أن اختط مساراً جديداً للتعامل الإيجابي مع الأحداث. وفي تقديرنا إن تبعات التدخل الروسي في سوريا على الخليج مقبلة لا محالة، رغم أن رضع السياسة بيننا مازالوا يعتمدون الجوار الجغرافي لقياس التهديد، مما يتطلب قراءة تلك التداعيات بالصوت العالي بغية فهمها:* في وقت ليس ببعيد طالبنا بعلاقات خليجية روسية، لتعويض الاستدارة الأمريكية عنا، لكن موسكو اقتربت بشكل لا نفضله، وسيكون هناك تداعيات خليجية جراء هذا التقرب الروسي الفظ، في ملفات إقليمية عدة. فالأصوات العدائية من موسكو أو من محركات «سوخوي 24» تعبر عن نيتها فرض إرادتها بالسلاح.* تهاجم روسيا بضراوة جماعات مسلحة مناوئة للأسد وليست موسومة بالإرهاب، تدعمها دول الخليج وأشرفت على تدريبها واشنطن في الخليج، مما يجعل هذا الهجوم الروسي موجهاً ضد دول الخليج.* سيعيد التدخل الروسي رسم خرائط جديدة بتداعيات على دول الخليج التي كانت تخاف «تقسيم سايكس/بيكو» فأتى من سينفذه على شاكلة «تقسيم برلين» القاسي المتصف بالعزل التام.* لم تكن روسيا لتقدم على التدخل بدون التنسيق مع طهران، وكما نسق نيقولا الثاني مع القاجار قبل قرن، ويعني وصول الروس الناجح لإقليمنا تحقق الحلم الروسي بالوصول إلى مياه الخليج الدافئة.* سيكون من تداعيات التدخل الروسي خلق شحنة تعاطف جهادي، وحين يرحل الروس ستنتج صدمة ديموغرافية تسيل خلالها شعاب الإرهابيين من المرتفع السوري إلى العواصم الخليجية فيما يشبه الحالة الأفغانية سابقاً.* تعلم روسيا بانشغال الخليجيين في اليمن، وهناك مجال لتتفرغ إيران لليمن، كما سيتحرك الوضع في العراق سلبياً على دول الخليج، بدليل إصرار بغداد على نفي كون التحالف الرباعي عسكرياً.* تتسم العلاقـــات العربـــية-العربية، والخليجية-الخليجية هذه الأيام بالمرونة -كما لاحظ مراقبون عدة- وهناك تسامح وتقبل للاختلافات في وجهات النظر حيال التدخل الروسي. إلا أن بذور هذه الاختلافات قد تصبح غابة من الخلافات مستقبلاً إذا لم تتم إدارتها بحصافة.** بالعجمي الفصيحقتل ستالين 40 مليوناً، وفي أفغانستان قتل 14.453 سوفيتي، ومن الأفغان 1.5 مليون. وقتل في الشيشان 30 ألف روسي و300 ألف شيشاني، كما بلغ عدد ضحايا نزاع شرق أوكرانيا 7962 قتيلاً. وإذا أخذنا في الاعتبار أن الإحصائيات السكانية للخليجيين تظهر أن عددنا لا يتماشى مع وتيرة القتل الروسية لا في الماضي ولا في الحاضر، فعليه لا نملك أن نكون جزءاً من قتال هم طرف فيه، ففي كل صدام مسلح ستحكم صانع القرار العسكري الروسي بلاغة جوزيف ستالين الذي قال «موت إنسان واحد مأساة كبرى، أما موت الملايين فمسألة عدد».* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
Opinion
التداعيات الخليجية للتدخل الروسي في سوريا
14 أكتوبر 2015