تستحق الدولة كل الشكر والتقدير للخدمات الكثيرة والمتميزة التي تقدمها لموسم عاشوراء الذي تستعد له مبكراً، حيث تتعاون مختلف الوزارات ذات العلاقة والهيئات في ذلك بما يضمن نجاح الموسم وتوفير الأمن والأمان للجميع. ومن يتابع تلك الاستعدادات وتلك الخدمات يتوقع من المستفيدين منها أن يتعاونوا مع الجهات الرسمية في تحقيق الهدف الذي يصبون إليه جميعاً، لأنه من دون تعاونهم لا يتحقق ما يريدونه هم وما تريده الدولة وما يرضى عنه الجميع.قبل أكثر من شهر من هذا اليوم أصدر صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة توجيهاته للوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية لتبدأ عملها بما يضمن نجاح موسم عاشوراء، فباشر المعنيون عملهم كل في مجاله وعقدوا الكثير من الاجتماعات مع المعنيين بالمواكب الحسينية والمآتم، بغية تلافي أي أخطاء أو سلبيات حدثت في الأعوام السابقة، وكي يشعر المشاركون في العزاء بالأمان، فهذا العام يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة بسبب ما تمر به المنطقة من أحداث وتطورات خاصة ما يتعلق بتهديد الأمن، الأمر الذي يستوجب اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث أي مكروه يعكر الصفو ويجرح موسم عاشوراء الذي تعودت البحرين أن يكون ناجحاً بامتياز.هذا العام ينبغي أن يتعاون الجميع لمنع ذلك البعض الذي استمرأ مسألة خلط العزاء بالسياسة من القيام بهذا العمل الذي لا علاقة له بالعزاء لا من قريب ولا من بعيد، فعاشوراء الذي ينتظره الكثيرون معروفة أسباب الاهتمام به، والحريصون على المشاركة فيه يرفضون أن يتم حرفه أياً كانت الأسباب. عاشوراء موسم ديني وليس سياسياً، وبالتالي ينبغي منع كل المظاهر السياسية في هذا الموسم كي لا تستغل في الإساءة إليه أولاً ولكي يشعر المشاركون فيه بالأمان. أما منع المظاهر السياسية فينبغي أن يشمل كل ما يعتبر ذا علاقة بالسياسة بدءاً من الخطب والمحاضرات التي تلقى من على المنابر الحسينية وانتهاء باللافتات والشيلات التي يفترض أن تكون معبرة عن المناسبة فقط.في هذا العام، لا مجال للتساهل مع المتجاوزين ومستغلي المناسبة لأغراض سياسية، والمسؤولية هنا لا تقع على الأوقاف الجعفرية وهيئة تنظيم المواكب الحسينية ووزارة الداخلية فقط، ولكنها مسؤولية كل المشاركين في العزاء وكل الحاضرين الذين عليهم أن يتخذوا موقفاً رافضاً من أولئك الذين لا هم لهم سوى استغلال الموسم لخدمة أغراضهم التي لا علاقة لها بالدين ولا بالمذهب.الوضع لا يحتمل التجاوزات، وما كان يحدث في الأعوام السابقة يجب ألا يحدث في هذا العام تحديداً، والتسامح في هذا الأمر قد تكون نتائجه وخيمة، وليس من سبيل لضمان الأمن غير التعاون اللامحدود مع المعنيين بالأمن، تماماً مثلما هو الحال في الدول الأخرى التي تحيي هذه المناسبة، فلولا تعاون الجميع هناك مع المعنيين بالأمن وبالنظام لحدثت الفوضى ولتضرر الكثيرون.ولأن الذين يسعون إلى استغلال موسم عاشوراء لخدمة أغراضهم السياسية هم إما من المنتمين إلى الجمعيات السياسية أو إلى التيارات السياسية الأخرى التي دخلت على خط الجمعيات، لذا صار لزاماً على من يديرونها أن يصدروا توجيهاتهم لعناصرهم للتوقف عن ممارساتهم السالبة هذا العام على الأقل، ريثما تتبدل الأحوال ويزول الخطر عن المنطقة، وألا يقتصر ذلك على المناطق التي يقام فيها العزاء فقط، وإنما كل المناطق والشوارع التي تعودوا استباحتها خارج عاشوراء وتشكو من ظلمهم.ما توفره الدولة في البحرين للمشاركين في عزاء سيد الشهداء عليه السلام لا توفره كثير من الدول التي يحتفل فيها بعاشوراء، بما فيها تلك التي يعتبرها البعض نموذجاً ومثالاً. ما توفره الدولة لا تمن به على المعزين فهو واجب وتوفره منذ سنين طويلة لذا وجب الحرص على استمراره.