كان مطلع شهر فبراير 2015 بمثابة الكابوس لبعض متهوري السياقة عندما تم الإعلان عن قانون المرور الجديد في المملكة والذي يعتمد بشكل كبير على نشر كاميرات المراقبة المرورية، الأمر الذي يدعونا أن نكون واعين، ويقظين، ومتحكمين بأعصابنا كي لا نتجاوز السرعة المسموح بها، أو نقوم ببعض المحظورات عند القيادة، وبالتالي نكون فريسة الكاميرا التي ستسجل علينا هذه المخالفات التي اقترفناها بأنفسنا.فمن المسلم به أنه قد نلاحظ يوماً بعد يوم انتشار كاميرات المراقبة على أعمدة الكهرباء بشكل كبير لدرجة تشعر معها أنك تلاحق أنفاسك ودقات قلبك حين ترتفع عن معدلها الطبيعي. ولو فكرنا بالأمر قليلاً لاستدركنا أن المشكلة لا تكمن في الكاميرات فحسب، وأنه لم يتم توزيعها كي ترفع منسوب الضغط النفسي على المواطن، وإضافة الأعباء المترتبة عليه من المخالفات المرورية لزيادة خزينة الدولة، كما يدعي البعض للأسف ويسوّق لهذه الأفكار البعيدة كل البعد عن الصحة. فالبلد بخير عامر، وليس بحاجة إلى النظر إلى فتات الشعب المسكين، وإنما كل هذه التدبيرات حقيقة لإجبار سلوكنا القيادي على السير بالطريق المستقيم.علماً بأنه يوجد شريحة لا بأس بها من المجتمع تؤكد على سبيل المثال أنها طيلة ثلاثين سنة من تاريخ بدء سياقتها للآن لم تحصل على مخالفة مرورية قط، وهذا يعني صراحة أن حسن التصرف دافع شخصي متأصلاً بالشخص نفسه، إذاً فالموضوع يحتاج قليلاً من ترويض النفس للتعود على ما يعرف «بقانون السيرالجديد والانضباط الذاتي للسياقة»، لنجد أنفسنا نطبقه رويداً رويداً، ومن ثم عدد المخالفات المرورية والحوادث يقل مستواها بشكل كبير عن السنوات السابقة. لكن يبقى مع كل هذا، أننا نجد بعض السائقين غير آبهين بكل التحذيرات المتداولة ويسيرون بالنحو الذي يرضيهم فقط، أو يركنون سيارتهم في الأماكن التي يجدونها، من غير إدراكهم سلفاً مسألة عرقلة السير خاصة أوقات الذروة. إضافة إلى السؤال الذي يطرح نفسه، فما هو العمل البطولي عندما أتجاوز منعطف خطر، أو أتجه من أقصى اليمين إلى اليسار أو العكس صحيح من دون أن أستخدم الإشارة الضوئية؟! وما العبرة أن تتجاوز المركبات الثقيلة للحد الأقصى للسرعة وعدم التزامها بخط السير الإلزامي؟! وما هي المحصلة الإنسانية عندما نركن في الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة أو سيارات الإسعاف؟! وما هو الهدف من الوقوف في المربع الأصفر وتعطيل سير المسارات المتقاطعة؟! وما الهدف من التحدث بالهاتف متخفين وراء لون الزجاج القاتم؟! وغيرها الكثير والكثير من الأمور التي لا تستوجب فقط كاميرات المراقبة في الشوارع وإنما وضع كاميرات المراقبة فوق كل سيارة! فإن كان الطريق حقاً عاماً وملكاً للجميع فلا يجوز بالمقابل أن نستعبده بالشكل الذي يرضينا، ونسخره بالطريقة التي ترضينا.
Opinion
تحت المراقبة
16 أكتوبر 2015