لا يجب أن نتجاهل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دول المنطقة، كما لا يجب أن نقول إن كل شيء «بخير» اقتصادياً. فالأزمة الراهنة خلقت أزمات اقتصادية أثرت بشكل ملموس وواضح على اقتصاديات الدول الخليجية، وهذا أمر طبيعي للغاية في ظل الظروف التي يشهدها الإقليم.هذه الأزمة الاقتصادية وإن كبرت، كانت بالنسبة إلى بعض المسؤولين والمستشارين في البحرين، فرصة للضغط على المستوى المعيشي والمباشر للمواطنين، فجاءت بعض القرارات انفعالية وغير مدروسة، أثرت بشكل واضح على انفعالات الناس وتخوفهم من أن تنال الحكومة من جيوبهم ورواتبهم، حتى جاءت مسألة رفع الدعم عن بعض السلع الاستهلاكية، فجعلت المواطنين والدولة في «حيص بيص»، والسبب هو طرح مشروع للتقشف دون دراسة معمقة لمخاطره وسلبياته على كل الأطراف، فكانت النتيجة غير مريحة للجميع.في خطابه السامي بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي الشورى والنواب، أكد جلالة الملك حرصه الشديد على عدم تعرض الدولة للمستوى المعيشي الحالي للمواطنين، على الرغم من الظروف الإقتصادية القاسية التي تعيشها الدولة، ومن هذا الوعي بأهمية قيمة المواطن أكد جلالته: «تمر المنطقة بتطورات سياسية متسارعة، وأوضاع اقتصادية استثنائية، الأمر الذي استدعى منا التوجيه بدمج بعض الوزارات والهيئات الحكومية لدعم الميزانية العامة ومعالجة الوضع الاقتصادي في البلاد للتخفيف من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة، دون التقليل أو المساس بالخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن الذي هو موضع اهتمامنا على الدوام والثروة الحقيقية للوطن. وبالرغم من كل الظروف، فإن عملنا الوطني المشترك وبرامجنا التنموية ستنمو وتتواصل، بإذن الله تعالى، في كافة القطاعات التي تخدم الوطن والمواطن، ونخص منها مشاريع البنى التحتية والتعليم والصحة والإسكان وغيرها من الخدمات الحيوية».بعد هذا الخطاب، يجب أن تسكت كل الأصوات الرسمية التي تتحفنا كل يوم بأنها سوف تتعرض لمعيشة المواطنين، وأنها سوف تعالج قضايا الاقتصاد من خلال جيوب الناس وعلى حسابهم، بينما أرسى جلالة الملك الدعامة الأساسية في هذا المجال حين شدد على عدم المساس بقوت المواطنين، بل على العكس من ذلك، فقد أكد جلالته أن الدولة سوف تستمر في تقديم كافة الخدمات الحيوية كالخدمات الإسكانية والتعليم والصحة وغيرها، بينما يطل بعض المستشارين في الدولة ليؤكد عكس ذلك!من هذا المنطلق، وبعد الخطاب السامي لجلالة الملك، يكون لزاماً على مؤسسات الدولة والمسؤولين فيها مراجعة كل البرامج المطروحة حالياً والخاصة بالتقشف ورسم البرامج المتعلقة بالاقتصاد، من دون المساس برواتب المواطنين وكذلك عدم المساس بالخدمات المقدمة لهم ولو من بعيد، فهنالك الكثير من العلاجات الاقتصادية الحديثة اليوم، يمكن الاستفادة منها من دون الضغط على حياة الناس أو التعرض لقوتهم وقوت عيالهم، وهذا هو المطلوب.