تنفق كبريات الدول حول العالم ملايين الدولارات من أجل «إدارة سمعتها»، وهو المفهوم الحديث لدور العلاقات العامة. ونرى دولاً عربية كبيرة حذت حذو بعض الدول الأجنبية لإدارة سمعتها لاسيما بعد الأزمات التي تعرضت لها مؤخراً.وإدارة السمعة هو مصطلح يعنى من ورائه تصحيح الصورة الذهنية للدولة أو للفرد وهي إجابة للسؤال «كيف أريد أن يراني الجمهور»؟ ولا أعتقد أن مملكة البحرين بمعزل عن اهتمامها بإدارة سمعتها داخلياً وخارجياً، لا سيما وأن هناك أشخاصاً ذوي أجندات واستراتيجيات مدروسة تسعى إلى تشويه سمعة مملكة البحرين في الداخل والخارج، وتسخر جل طاقتها من أجل تشويه سمعة المملكة.وعلى صعيد آخر نجد أن هناك العديد من المواطنين البحرينيين يهمهم بشكل أو بآخر أن يكون شريكاً في إدارة سمعة مملكة البحرين وتصحيحها. حيث إن كل ما نقوم به من تصرفات نحن كمواطنين بحرينيين سيؤثر في سمعة البحرين بالسلب أو الإيجاب. وكل مواطن بحريني له دور في إدارة السمعة، فالمواطن البحريني عندما يسافر إلى خارج البحرين باستطاعته أن يعكس السمعة الطيبة عن مملكة البحرين من خلال تصرفاته الراقية التي تعكس أخلاق الشعب البحريني، كما أن فوز أي مواطن بحريني بأي جائزة على مختلف الأصعدة أو المشاركة في أي مؤتمر عالمي هو نوع من المساهمة في بناء سمعة مملكة البحرين. وتختلف مساهمة كل شخص منا عن الآخر، فالكاتب يستطيع أن يساهم في بناء سمعة البحرين بكتاباته الراقية التي تؤثر على الرأي العام بشكل إيجابي، وبمساهماته العلمية والأدبية التي من شأنها أن تثري المكتبات العربية والعالمية. ورجال الأعمال يستطيعون المساهمة في بناء سمعة البحرين من خلال صفقاتهم المالية في الداخل والخارج التي تساهم في زيادة استثمارات البحرين وزيادة مصادر الدخل.والشعراء والفنانون يمكنهم المساهمة كذلك عن طريق كلماتهم الشعرية المؤثرة وإنتاجهم الفني، «..... إلخ».وللكل دون استثناء دور كبير في إدارة سمعة مملكة البحرين داخلياً وخارجياً.وكلما كان رفعة اسم مملكة البحرين من ضمن أهداف المواطن الشخصية فسيساهم بلا شك في عملية إدارة السمعة الإيجابية لمملكة البحرين بأي شكل من الأشكال. ولهذا لا يستطيع أي منا أن يتهم الآخر بعدم الوطنية، إلا إذا كانت أفعاله تثبت ذلك، فالوطنية هي من ضمن الثوابت بالنسبة للمواطن، ومن الخطأ أن نشكك فيها. وتؤسفني رؤية بعض المشاهدات الدخيلة على مجتمعاتنا والتي لا تراعي سمعة المملكة لا في الداخل ولا الخارج. فتراشق بعضهم بعبارات خارجة عن السياق المجتمعي مؤلمة جداً بالنسبة للوطن الواحد الذي لا يفرق بين أبنائه. ولا أدري هل تعتبر حرية الإعلام نعمة أم نقمة مع هؤلاء الذين يوجهون التهم جزافاً لأي شخص يختلف مع أفكارهم؟! ولا يكتفون بهذا وحسب، بل يقومون بالتشهير به في مختلف وسائل الإعلام!أتفق أو أختلف معك في الرأي «هذا موضوع وارد»، وهذا ما يسمى بثقافة الاختلاف،أما ما نشاهده من مهاترات وتصرفات مشينة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فهذه هي منتهى اللامسؤولية!وأكررها، لا أستغرب بتاتاً إذا كان تعاطي «أنصاف المثقفين» بهذا الشكل. ولكني مازلت أستنكر هذا الفعل من المثقفين والإعلاميين الذين يعتبرون من قادة الرأي في مملكة البحرين، ولديهم جمهور من داخل البحرين وخارجه يعجب برأيهم! فلما تتبعون سياسة «نشر الغسيل المتسخ» أمام العالم؟! إذا كانت لديكم نصائح أو انتقاد فتوجهوا بها لأصحاب الأمر، أو ليست الأبواب مفتوحة في المملكة؟ أما أن تستخدموا الإعلام لإثارة البلبلة وتشويه سمعة مملكة البحرين بطريقة «مقصودة أو غير مقصودة» فإن الأمر حالياً لا يستحمل هذه المهاترات. نحن نمر بوقت عصيب، ونأمل من الجميع أن يساهم في زيادة اللحمة الوطنية، وتقوية الجبهة الداخلية، ونأمل من الجميع الالتفاف حول قيادتنا لنكون عصيين على أي تدخلات خارجية، فإما أن تكونوا شركاء حقيقيين في هذه المرحلة أو اصمتوا، فنحن لسنا بحاجة إلى أصوات نشاز تنشر البغضاء بدافع الوطنية! فالوطنية ليست حكراً على أحد. راجع نفسك قبل القيام بنشر أو إعادة نشر أي رسالة أو معلومة تصلك؟ واسأل نفسك هل ترد على أي شخص «هاجمك»؟ أو كيف أصحح له المعلومة؟ والأهم من كل هذا «هل سيؤثر ما أنشره في إثارة البلبلة في وطني الغالي؟! لا تقل «ناقل الكفر ليس بكافر»، فالتحقق من أي موضوع قبل إشاعته واجب وفريضة حثنا عليها ديننا الحنيف. وما أجمل ألا نصعد خلافاتنا وننشر غسيلنا المتسخ أمام العلن. وما أجمل اذا ما اختلفت مع أي شخص أو رأي أن تكلمه بهدوء أو تتخذ ضده الإجراء القانوني المناسب، أما أن تشن عليه حملة هجوم علنية فهذا ليس من شيمنا!وبعيداً عن التطبيل والمزايدة، فهناك الكثير من الأمور الرائعة التي تستحق أن نتداولها لنساهم في إدارة سمعة مملكة البحرين، ولا أعني هنا أن نجمل القبيح بتاتاً، بل أقصد أن لا ننسى ذكر الجيد والجميل من باب الإنصاف. فكم كنا فخورين عندما نشر الدكتور طارق الحبيب قبل فترة رسالة تقدير لموظفي المطار الذين اهتموا بحقائبه المتأخرة. وكم كنا فخورين بتلك التغريدة، فكم تغريدة إيجابية تستطيع أن تطلقها لإدارة سمعة المملكة؟ وكم رسالة تستطيع أن تساهم فيها لبناء سمعة جيدة عن بلدك؟ وأكرر لا أقصد هنا أن نطبل أو نزيف الواقع، فالتنفيس له أبواب متعددة يجب ألا تغلق.