رغم التوزيع غير العادل للوقت المخصص للمناقشة بين المتداخلين في الندوة التي عقدها مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة الأسبوع الماضي بمقره في العوالي تحت عنوان «المؤسسات والمنظمات الدولية غير الحكومية بين المهنية والتسييس»، حيث استحوذ أحد المتداخلين على أغلبه، إلا أن الندوة إجمالاً كانت ثرية بما في ذلك تلك المداخلة الطويلة التي حرمت آخرين من المشاركة بآرائهم في الموضوع المهم الذي وفق المركز في اختياره، خصوصاً في هذه الفترة التي يكثر فيها تدخل تلك المنظمات في الشؤون الداخلية للبحرين.الندوة توزعت في ثلاثة محاور، المنظمات الدولية غير الحكومية بين المهام الإنسانية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومصداقية المؤسسات والمنظمات الحقوقية الدولية، وحقائق ومؤشرات عن المؤسسات والمنظمات الدولية غير الحكومية، تشارك في تناولها رئيس مركز أمناء المركز خالد بن إبراهيم الفضالة، ومساعد وزير الخارجية عبد الله بن فيصل الدوسري، والمدير التنفيذي للمركز الدكتور خالد محمد الرويحي.الكثير من المعلومات والأفكار المتميزة تم طرحها في الندوة من قبل المتحدثين والمتدخلين أوصلت إلى الاتفاق على مجموعة من النقاط منها أن البحرين مثلها مثل الكثير من دول العالم تعاني من الأفعال السالبة لبعض تلك المؤسسات والمنظمات الدولية غير الحكومية والتي يمكن وضعها تحت عنوان الابتزاز، خصوصاً وأن جانباً كبيراً من المعلومات التي تنشرها بعيدة عن الحقيقة والواقع، وتتضمن مبالغات وأخطاء متعمدة، وصار أكيداً أنها إنما تفعل ذلك بغية تحقيق مرام معينة، فهي في كل الأحوال تعمل لصالح دول بعينها، وتخدم سياسات محددة «تم خلال الندوة استعراض مثال عن تزييف نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في البحرين حيث تبين كيف أن إحدى تلك المؤسسات تعمدت تصنيف البحرين بشكل خاطئ فوضعتها في رتبة أقل بكثير من الرتبة التي تؤكد حسابات المؤسسة نفسها حصولها عليها».مشكلة تلك المؤسسات والمنظمات التي تمول غالباً من حكومات الولايات المتحدة وأوروبا وجهات أخرى أنها تخلط بين المهنية التي يفترض أن تحكمها والسياسة التي تخدم بها مموليها، وبالتالي فإنه يصعب الأخذ بكل ما تأتي به من معلومات ونتائج لأنها منطقاً لا يمكن أن تكون إلا متوافقة مع رغبات تلك الجهات. وهذا يعني أن بإمكان هذه المؤسسات والمنظمات أن تلوي عنق الحقيقة كلما رغبت في ذلك أو رغب ممولوها، ولأننا كعرب في المجمل شعوب لا تقرأ لذا فإن من السهل تصديق كل ما يصلنا من تقارير ومعلومات ونتائج تصدر عن تلك الجهات.الجانب المهم الذي لم يسعف الوقت المنتدين لمناقشته وإعطائه حقه من المناقشة هو العلاقة بين «المعارضة» هنا وتلك المؤسسات والمنظمات التي بالضرورة تستفيد منها، حيث الملاحظ أن تلك المؤسسات والمنظمات تهتم بكل ما يأتيها من «المعارضة» من معلومات وتأخذها من دون أن تتحقق من صحتها وتتعامل معها على أنها حقائق لا تقبل المناقشة، حتى لو كانت مقتطفة من الصحف وتوظفها في تقاريرها، ليس من باب الثقة في هذا المصدر، ولكن لأن تلك المعلومات تخدم توجهاتها وأهداف مموليها، وتحقق في نفس الوقت رضا الجهة التي وفرتها والتي لا يهمها من الأمر سوى أن تسيء إلى الدولة وتعيش شعور المنتقم.العلاقة بين «المعارضة» وتلك الجهات وما تنشره هذه من معلومات خاطئة ومبالغ فيها عن المملكة وما تتخذه من مواقف سالبة منها تؤكد أن البحرين واحدة من الدول التي يراد الإساءة إليها، وتوصيلها إلى المرحلة التي يسهل فيها على الآخرين وصفها بأنها «دولة فاشلة».من هنا صار لزاماً على كل محب لهذا الوطن أن ينتبه إلى هذا الأمر، وأن يعمل كل ما يستطيع لتوضيح الحقائق للعالم، وفضح كل من يمارس هذا الدور السلبي الذي تكشفت أهدافه ومراميه.