هل هذا هو الوقت المناسب للحديث عن الفاروق عمر؟نعم، ما كان هناك وقت أفضل أو أحوج من الكتابة عن قطب رحى المسلمين، وفاتح القيصرية، وهازم الكسروية، وصهر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، زوج فاطمة الزهراء بنت الرسول صلوات الله وسلامه عليه، خير من هذا الوقت تحديداً، ونحن نعيش نفحات عاشورية.«رحمة الله عليك يا أبا حفص، فوالله ما بقي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ أحب إليّ أن ألقى الله عز وجلّ بصحيفته مثلك»، هكذا كان يقول أبو الحسن، وهكذا كان عليّ، وسائر آل البيت، يحبون عمر، وليس كما يقال أو يشاع من مفتريات، الغاية منها توسيع الفجوة بين المسلمين.نفس التدليس ونفس الكذب الذي يفعله ابن سبأ، يفعله ويقوم به البعض ممن يسعون إلى إثارة الفتن بين المسلمين، وتحديداً في عاشوراء.لا كفرنا ولا قللنا أدبنا ولا تجاوزنا حين نقول ونبين دلالة محبة أهل البيت للفاروق، من خلال تسمية أبنائهم باسمه، فأول من سمى ابنه باسمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، سمى ابنه من أم حبيب بنت ربيعة البكرية عمر، كما سمى عمر من زوجته الصهباء بنت ربيعة، هذا وتبعه الحسن في حبه لابن الخطاب، فسمى أحد أبنائه عمر أيضاً، وكذلك فعل الحسين بن علي، ومن بعد الحسين ابنه علي الملقب بزين العابدين سمى أحد أبنائه عمر، وكذلك فعل أيضاً موسى بن جعفر الملقب بالكاظم.وقد كان الفاروق يبادل آل البيت مثل هذا الحب، بل ويزيد عليه، ويقدمهم في الحقوق والعطاء على نفسه وأهل بيته، ولقد ثبت عن المؤرخين قاطبة أن الفاروق لما عين الوظائف المالية والعطاءات من بيت المال قدم على الجميع بني هاشم، لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولاحترامه لأهل بيته عليه الصلاة والسلام، وذكر اليعقوبي أن الفاروق عمر وحين دون عمر الدواوين، وفرض العطاء سنة 20 هجرية، قال: «قد كثرت الأموال فأشير عليه أن يجعل ديواناً، فدعا عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، وجبير بن مطعم بن نوفل بن عبد مناف «وكلهم أقرباء علي، أخوه وأبناء عمه، هكذا كان الفاروق»، وقال: «اكتبوا الناس على منازلهم وأبدؤوا ببني عبد مناف، فكتب أول الناس، علي بن أبي طالب في خمسة آلاف، والحسن بن علي في ثلاثة آلاف، والحسين بن علي في ثلاثة آلاف، وقد اختلفت الرواية عند أهل السند فذكر البعض منهم أن الفاروق ساوى بين فريضة الحسن والحسين بفريضة أبيهما لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرض لكل واحد منهما خمسة آلاف درهم.ولأولئك الذين يستحلون التشكيك في العلاقة بين عليّ وصهره عمر -تحديداً في وقت عاشوراء- - نرد على خزعبلاتهم وافتراءاتهم بأن عليّ كان في الدولة العمرية المستشار الأول لعمر، لمعرفة الفاروق بفضل وفقه أبي الحسن، فقد كان يقول عمر فيه: «أقضانا عليّ».وهل يتصور عاقل واحد أو حتى شخص عنده نصف عقل أن الفاروق ممكن أن يخلف أبا الحسن على المدينة وهو لا يعترف بولايته على المسلمين، حدث ذلك حين استخلف عمر علياً على المدينة مراراً، استخلفه حين خرج إلى ماء صراء، وذلك قبيل القادسية، واستخلفه عند فتح فلسطين، واستخلف ابن الخطاب حين حج بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.ومن علامات الحب والود بين الفاروق وآل البيت، وينسف ما يزعمه أولئك الذين يزوّرون التاريخ، ويقصون بعض الافتراءات والروايات التي تتناسب مع أمزجتهم ومشاربهم، أن أعطوه ثمرة من ثمار النبوة وآل البيت، فقد زوج علي ابنته أم كلثوم، من فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، من الفاروق، ولقد أقر بهذا الزواج علماء الأنساب والتراجم وكافة أهل التاريخ وجميع محدثي الشيعة وفقهائهم وأئمتهم، وهو ما يحرق قلوب المبغضين وأعداء الدين، ويمرغ أنوفهم في الوحل.كما كان علياً يرفض الطعن في صهره أو صحابة رسول الله، بل يتبرأ ممن يفعل ذلك، وقد بلغ علي أن عبدالله بن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر، فهم بقتله فقيل له: «تقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت؟ فقال: لا يساكنني في دار أبداً»، وعن المنهال بن عمرو، وعن سويد بن غفلة عن علي بن أبي طالب لما توفي أبو بكر وعمر قال علي بن أبي طالب: «من أحبني فليحبهما ومن لم يحببني فقد أبغضهما وأنا منه بريء»، كما قال: «لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته جلد المفتري».فلعنة الله على الطاعن والكاذب والمنكر والمفتري على الفاروق، صهر أبي الحسن.
Opinion
نفحات عاشورية.. حب آل البيت لصهرهم عمر
19 أكتوبر 2015