في مثل هذا الشهر تماماً قبل ثماني سنوات أي في أكتوبر عام 2008 أطلق جلالة الملك رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي خرجت للعلن بعد أربع سنوات من العمل المضني الجاد من الدراسة والتمحيص والاستعانة بالبيوت الاستشارية الأجنبية وبعقد العديد من الورش والندوات المحلية التي شاركت فيها العقول المحلية، حتى وصلنا إلى هذه الخلاصة التي كان من المفروض أن تكون لنا منارة نهتدي بها في رسم إستراتيجيتنا الوطنية ومنها نضع برامجنا الحكومية ليكون الجميع في هذه الدولة سائراً على نفس الخط ويرنو لذات الهدف.انطلق القطار حينها بحماس جميع ركابه إذ أن امتلاك رؤية واضحة يشترك فيها جميع المؤسسات والأفراد هو طموح بحد ذاته، والفلسفة التي كانت الرؤية ترتكز عليها طموح هو الآخر، فقد رفعت الرؤية شعاراً جعل القطاع الخاص محركاً للنمو، وهذا يعني الكثير ويترتب عليه الكثير.كان من المفروض أن يكون 2030 موعداً لإنجاز أهداف هذه الرؤية وحين أطلقت عام 2008 كان أمامنا 22 عاماً لإنجازها وها قد مضت منها 8 أعوام جرى فيها الكثير مما يحتاج إلى المسارعة بتقييم الشوط الذي قطعناه للتأكد بأننا نسير وفق الجدول الزمني الذي وضع أول مرة؟ أم أننا نحتاج إلى إعادة جدولة؟نحتاج اليوم تحديداً أن نعقد ورشة عمل وطنية تماماً كالتي عقدت في 2004 ورأسها سمو ولي العهد بنفسه وبحضور البيوت الاستشارية التي قدمت تقاريرها حين ذاك لتقييم ما مضى وللنظر فيما أنجز وتحقق؟ وما هي التحديات وكيف يمكن تخطيها؟ ولنرى معاً كيف يمكن إعادة القطار إلى سكته التي انحرف عنها؟كانت الرؤية ترتكز على ثلاثة مبادئ توجيهية أساسية هي (وأقتبس هنا النص من إصدارات مجلس التنمية الاقتصادي): «الاستدامة والعدالة والتنافسية، يعنى الأول بوضع اقتصاد المملكة على قواعد صلبة ثابتة يستطيع التحرك وفقاً لها مستقبلاً دون انقطاع، بحيث تلتزم الأجهزة المعنية في خططها ومشاريعها لإقامة جهاز إداري ومالي مؤهل ومستقل يكون بمقدوره الاستمرارية، وبما يمكن القطاع الخاص وحده بحلول عام 2030 من إدارة النشاط الاقتصادي بشكل يضمن استدامة الازدهار.في حين تقضي العدالة، المبدأ التوجيهي الثاني، بتوفير الفرص المناسبة للمبادرات الفردية لكي تنطلق وتبدع، وهو ما يحتم إيجاد أجواء عمل مناسبة للقطاعين العام والخاص وظروف تتسم بالشفافية والتنافس الحر العادل في كافة المعاملات، وقامت الجهات التنفيذية بالعمل من أجل ذلك عبر وضع الأطر القانونية والتنظيمية التي تضمن الالتزام بتطبيق المساواة أمام القانون والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومعايير حقوق الإنسان.بينما تستهدف التنافسية، كمبدأ توجيهي ثالث، الوصول بالاقتصاد البحريني إلى درجة يكون فيها قادراً على المنافسة في ظل نظام اقتصاد عالمي لا يقبل بغير ذلك، وهو ما يتطلب تأهيل الكوادر الوطنية لمواجهة مثل هذا السوق وتوفير خدمات حكومية ذات نوعية عالية وبنية تحتية متطورة، بما يضمن تحقيق التواجد والتنافس للاقتصاد الوطني، ويحقق بالتبعية البيئة المناسبة لاستقبال التدفقات الاستثمارية العالمي». انتهى الاقتباس. تلك أهداف جميلة نعيد التذكير بها لأنها منحت كل بحريني غداً أفضل وأصبحت بعد أن أطلقت هذه المبادرة حقاً مكتسباً لا يمكننا التنازل عنه أو التخلي عنه بسهولة فقد أصبحت ملكاً لكل بحريني بوضع اليد وعلى المتضرر الذي يحاول أن ينتزعها منا اللجوء للقضاء، كونها وجدت في طريق تحقيقها عقبات وتحديات وأحداث خارج نطاق التوقعات أخرت بعض أهدافها وجردت البعض الآخر من جوهره وانحرفت عن البعض الآخر لا يعني أننا لا يمكن أن نعود على سكة القاطرة من جديد ونعيد إحياء الأمل من جديد من بعد تقييم حقيقي وشفاف وواضح يكشف ولا يجامل، نتدارس فيه ما يمكن تحقيقه وما لا يمكن ولماذا؟ ومن تحمل عرض الحقائق والواقع في 2004 بصدر رحب وعرض الواقع كما هو بجرأة وبشجاعة نالت إعجاب الجميع حين ذاك، قادر على أن يتعاطى مع عملية تقييم جريئة وشجاعة ونتحملها معه من أجل هدف سام كهدف إعادة الأمل وإحياء رؤية نتفق عليها جميعاً وإن اختلفنا على طرق الوصول لها.