في السابق كان المجتمع البحريني يخاف من المؤسسات الأمنية وبخاصة من رجال الأمن، يخاف أن يتجاوز القانون ويكون عرضة للمساءلة القانونية أو دخول مراكز الشرطة، وهذا الخوف لم يكن كخوف بعض الشعوب التي كانت دولهم تستخدم القانون أداة لقمع الشعب واضطهادهم، بل بالعكس كانت المؤسسات الأمنية ذات هيبة عالية حتى «النواطير» يخاف المجتمع منهم، لخوفهم من هيبة القانون وسيادته، وكانوا أيضاً محل تقدير لدورهم في الحفاظ على الأمان والاستقرار في البلاد. بعد المؤامرة الكبرى على البحرين، كان المجتمع البحريني -وخصوصاً المتضررين من إرهاب البعض- يتمنى بل يرجو أن ترجع هيبة القانون وسيادته كما عهدنا من قبل، بعدما انتشر الإرهاب والترهيب في البلاد، مما خلف فجوة كبيرة بين أفراد المجتمع ورجال الأمن، ذلك بعدما تعرضت مصالح الناس للخطر، الخطر على سلامة الأفراد وعلى الممتلكات والأرواح، وأصبح الناس بحاجة إلى الأمن كحاجتهم للأكل والنوم، وهي حاجات أساسية ملحة لأي مجتمع، وفي الآونة الأخيرة التمس المجتمع دور المؤسسات الأمنية في منع الإرهاب والجريمة والفساد، والتمس أيضاً المخاطر الجسيمة التي تحيط برجال الأمن خصوصاً في مواجهة الإرهابيين في البلاد، الذين يستهدفون رجال الأمن والآمنين في الشوارع، فثقافة المجتمع تغيرت تجاه المؤسسات الأمنية، فاصبح رجال الأمن في كل موقع محط تقدير ووقار وهيبة، وأصبح المجتمع يقدر تضحياتهم من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع، بل إن العلاقة بين المجتمع ورجال الأمن أصبحت مبنية على الاحترام، احترام رجال الأمن واحترام القوانين، بل إن الفجوة الشاسعة بين المواطن ورجل الأمن بدأت تضيق وتصغر في ظل تفهم المجتمع لأجندة بعض المنظمات الدولية وسعيهم المستمر للإطاحة بهيبة المؤسسات الأمنية، ومن ثم التضييق على البلاد والتآمر عليها، ولكن يبقى المواطن البحريني بطبيعته التي توارثها من أجداده، دائماً يلتف حول قيادته من أجل البحرين.في أي دولة من دول العالم يحتاج الفرد إلى أشياء أو حاجات ملحة، يطمح أن تتحقق في ظروف معينة داخل مجتمعه، وكلما تحققت له حاجته سعى إلى حاجة أخرى، يشبع من خلالها نواقصه، التي قد توازن بعد ذلك قلقه وتوتره تجاه الحياة بصورة عامة، والتدرج في الإشباعات المتحققة له تكون وفقاً لأولوياته، أو أولويات الظروف التي يعيش فيها والبيئة المحيطة به، ومحافظة الفرد بعد تحقيق ما يصبو إليه من حاجات أساسية والانتقال إلى مرحلة أخرى، لتحقيق إشباع آخر، تحتاج إلى ثبات في الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى، وذلك خشية الرجوع إلى المربع الذي بدأ منه، والتأرجح في الأولويات والذي قد يولد التوتر والخوف. تسلسل هرم «ماسلو» حسب احتياجات الإنسان النفسية يبدأ بحاجات فسيولوجية، مثل الأكل والنوم والجنس، ثم حاجات الأمان، مثل السلامة الجسدية والأمن على الممتلكات والأمان الوظيفي، أما الحاجات الاجتماعية فهي تأتي في المرحلة الثالثة، بعدها حاجة التقدير وأخيراً حاجة تحقيق الذات والتي تعتبر أعلى مرحلة متى ما تحققت الحاجات الأربع السابقة، وأتصور أن الأمن في المجتمع والأمان والاستقرار تعتبر من الحاجات الأساسية لأي مجتمع، بل تعتبر من الحاجات التي تأتي في المرحلة الأولى، مثلها مثل الأكل والنوم، فالأمن هو قاعدة أساسية لأي مجتمع تظهر من خلالها ركائز مهمة للنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وتتحقق التنمية في جميع الجوانب، فالمجتمع البحريني اليوم حاجته للأمن والأمان كحاجته للأكل والنوم، لا تقل عن ذلك في ظل الإرهاب الذي يتوافد إلينا من كل حدب، فلن نرتقي إلى مربع حاجات تحقيق الذات ما لم نحط بالأمن والاستقرار.تحية من القلب إلى رجال الأمن وجنودنا البواسل في كل موقع، تحية من الأعماق لما يحملون على عاتقهم من حمل ثقيل وعظيم، يتحقق من خلالهم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فستبقون دائماً محل تقديرنا واعتزازنا وثقتنا، فأنتـــم رمز لــسيــادة القــانون.