من ترسانة فكرية تغص بالشائعات والابتزاز، كتب البعض بتحليل ملتوي عن اقتراب دخول دول الخليج تحت حماية القبة الحديدية الصهيونية. ويتضح قصور الإطار التحليلي الذي تبنوه في عدم إلمامهم بأساسيات الدفاع الجوي، فدول الخليج بصدد إقامة «الدرع الصاروخي الخليجي»، وهدفه اعتراض الصواريخ الباليستية وسيكون عمادها أنظمة «الباتريوت»، وأنظمة «ثاد» المنشورة أصلاً ومنذ سنوات في صحارى الخليج.أما القبة الحديدية فمصممة لاعتراض صواريخ رجال غزة قصيرة المدى. فماذا نفعل بها ونحن نملك التفوق الجوي على كل ما جاور الخليج والجزيرة العربية؟ وأين الخطر الحقيقي على هذا التفوق؟ وكيف نتجاوزه؟تظهر جداول ميزان القوة العسكرية تفوق دول الخليج على إيران في الأسلحة الجوية المختلفة، وحتى تغلق هذا الفراغ، راهنت طهران على امتلاك الصواريخ الباليستية لاختراق الأجواء المعادية وإيصال الرؤوس الحربية بأسلحة تقليدية وأسلحة دمار شامل لأرض العدو، فأصبحت رابع أقوى دول العالم بالصواريخ بعد أمريكا وروسيا والصين. هذا في الهجوم أما في الدفاع فحشدت أنظمة دفاع جوي من بقايا الهوك الأمريكي وأنواع صينية وكورية وروسية. ولكون البعد الدفاعي في العقيدة العسكرية الإيرانية قائماً على عرقلة تقدم العدو ثم استنزافه، كان دفاعها الجوي بالكاد يسد الثغرة، بحكم أن العدو المفترض كان حاملة الطائرات رونالد ريغان، أو سلاح الجو الصهيوني، فطلبت منظومة صواريخ «اس 300 - S 300» الروسية، فأوقفها الغرب حتى تجاوزت الحظر بعد الاتفاق النووي. وستزودها موسكو قريباً بأربع كتائب من تلك المنظومة القادرة على ردع الطائرات وصواريخ «كروز» والصواريخ الباليستية خلال 5 دقائق، وعلى تتبع 100 هدف والاشتباك مع 12 هدفاً في الوقت نفسه بصواريخ لا تحتاج لصيانة مدى الحياة. وما يقلقنا أن وجود صواريخ «اس 300 - S 300» في يد إيران سيساعد على انتزاع الحجر الأول من سد السيادة الجوية الخليجية التي كنا نعوض بها تفوق طهران البري والبشري، وستصبح سماؤنا مكشوفة لصواريخها الباليستية، ويعني ذلك أيضاً إمكانية تهريبها وإخفائها في جبال اليمن وأحراش سوريا.تنقسم الصواريخ لنوعين، «باليستية Ballistic»، و«جوالة Cruise»، وتنطلق الباليستية للفضاء، وبعد تخلص الرأس المتفجر من صاروخ الدفع يعود كمطرقة قادمة من الجحيم بسرعة غير قابلة للاعتراض. أما الصواريخ الجوالة فعلى النقيض من ذلك، تطير منخفضة بسرعة أقل، لكنها تناور، وتختبئ خلف التضاريس صعوداً ونزولاً حتى تصل الهدف فتقفز للأعلى «pop up» ثم تهوي لتدمره. وهنا نتذكر أن حزمة تطمينات واشنطن لنا تضمنت إقامة درع صاروخي خليجي ضد الباليستية والجوالة، فهل سيتضمن منظومة صواريخ «SM-6» الأمريكية الجديدة؟ لأنه الوحيد الموازن لحصول طهران على صواريخ «اس 300 - S 300» خصوصاً أن المنظومة الأمريكية نجحت في تجاوز اختبارات 28 يوليو 2015 التي نفذتها البحرية الأمريكية و«ريثيون Raytheon» صانعة صاروخ الاعتراض هوك «MIM-23 Hawk» المنتشر في صحارى الخليج منذ السبعينات. ويستخدم «SM-6» قدرات صواريخ الطائرات «جو - جو» وقدرات مضادات الدفاع الجوي «أرض - جو» مما يؤهله لاعتراض كل شيء يطير مرتفعاً أو منخفضاً، بل إن قيمته أقل مقارنة بالباتريوت.لقد أعلنت موسكو توريد صواريخ «اس 300 - S 300» لإيران، فأعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قلقه، لأنها تزعزع أمن الخليج، وبين «التوريد» و«القلق»، ستزيل تفوقنا، فهل لنا بجعل منظومة صواريخ «SM-6» عماد الدرع الصاروخي الخليجي، فالقبة الحديدية الصهيونية التي يحاولون إلصاقها بنا تتساوى حقيقة قصتها مع القباب التي فوق أكتافهم، فالقبة في النهاية نصف كرة مجوفة.* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
Opinion
القبة الحديدية والتفوق الجوي الخليجي
21 أكتوبر 2015