هذا المقال كان من المفترض أن ينشر منذ أسبوع تحديداً، ليتزامن مع الحملة التي أطلقها أشقاؤنا في الأحواز المحتلة على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية بهاشتاغ «عربي ديكة»، وأعترف أنها فاتتني وفاتت أيضاً صحفنا المحلية والتي لم تغطيه بالشكل اللائق والمطلوب، فحرمت المواطن من متابعته، والتعرف على البعد القومي العروبي لدى إخواننا الأحوازيين، ضد غطرسة الاحتلال الصفوي المجوسي.«عربي ديكة» والذي يعني «عربي طبعاً»، هاشتاغ أطلقه الأحوازيون بالفارسية، ضد العنصرية المعادية للعرب في التلفزيون الإيراني، وذلك إثر حادثة تدافع منى التي توفي خلالها عدد من الحجاج الإيرانيين.في هذه الحملة قام الأحوازيون والذين تحتل إيران أراضيهم، ويعانون من الممارسات العنصرية الصفوية بشكل يومي، في كافة مناحي حياتهم، بنشر صورهم بأزياء عربية، وكتبوا تحتها هاشتاغ «عربي ديكة»، وذلك رداً على إهانات الممثل الكوميدي الإيراني الشهير، أكبر عبدي، الذي انهال بالشتائم على العرب بشكل عام، وعلى السعوديين بشكل خاص، خلال برنامج على القناة الثالثة الإيرانية «الرسمية»، وذلك بالتزامن مع التصعيد الإيراني الرسمي ضد المملكة العربية السعودية بسبب حادثة التدافع بمشعر منى.وجاءت إهانات عبدي خلال سرده لقصة حدثت له وابنته في السعودية حاول من خلالها التشفي بالعرب وبالسعوديين خاصة، بمناسبة التصعيد الإيراني بسبب حادثة التدافع بمشعر منى، حيث ادعى أنه عندما ذهب للحج قبل سنوات، طلب صاحب محل في سوق مكة، يد ابنته لتزويجها لابنه، وعرض عليه ذهباً بوزن الممثل عبدي وابنته. وقال عبدي: «إني رفضت طلب هذا العربي (....)»، ومن ثم تابع حديثه بكيل الشتائم المقززة ضد العرب والسعوديين، وأعتذر عن نشر ما قاله حرفياً لبذاءته.وليست هذه المرة الأولى التي تنتشر فيها موجة من الخطاب العنصري المعادي للعرب في إيران، بل تطفو هذه الظاهرة على السطح كلما حدثت مشكلة بين إيران والعرب، ففي يوم السبت 18 يوليو 2015 نشر حساب «الأحواز»، صورة تظهر ورقة كتب عليها باللغة الفارسية معلقة على واجهة أحد متاجر الذهب في العاصمة طهران: «ممنوع دخول السعودي أما اليهودي والأمريكي فمسموح لهما»!!والمعلوم أن السنة السعوديين أو البحرينيين بل أغلبية السنة الخليجيين لا يذهبون إلى إيران، والزيارة مقصورة على شيعة الخليج، وبديهياً وبدون لف ودوران، المقصودين بهذا الكلام هم شيعة الخليج، وهو ما دفع أحد المغردين للتعليق على الصورة، وإرسال تحذير لشيعة الخليج، فكتب قائلاً: «صاحب المتجر كتب باللافتة «سعودي» وهو يعرف أنه يوجد بالسعودية شيعة، «ليش ما قال السنة السعوديين»؟! أفيقوا يا شيعة العرب، أنتم تستغلون وسيضحى بكم».بالفعل شيعة الخليج بحاجة إلى من يصرخ في وجوههم ويقول لهم: «أفيقوا قبل أن تكونوا وقود إيران في محرقة الفتنة التي تريد أن تشعلها في دياركم».ربما يحتاج شيعة الخليج إلى بينة ودليل آخر ليزيلوا الغشاوة عن أعينهم، ويستزيدوا منها بمعلومات تعيد إليهم الوعي، وتدفعهم إلى التفكير، إن كان كذلك، فإليكم واقعة أخرى تتكلم بلسانها هذه المرة، وبطل هذه الواقعة المفكر الإيراني البارز والأستاذ بجامعة طهران صادق زيبا كلام، فقد كشف في أكتوبر 2011 خلال مقابلتين أجرتهما صحيفة «صبح آزادي» الإيرانية معه، عن نظرة الإيرانيين الفرس تجاه العرب وقال: «أعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال، قد تقولون لي إن الكثيرين من العرب يكرهون الإيرانيين أيضاً، أقول لكم نعم هذا صحيح، الكثير من العرب يكرهوننا، ولكن هذا ليس موضوع نقاشنا»، مؤكداً «ضرورة سرد النزعة العنصرية الإيرانية تجاه الغير».ورداً على سؤال حول أسباب ودوافع النزعة العنصرية، قال المفكر الإيراني والأستاذ بجامعة طهران: «يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب ولم ننس القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقداً دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة».عزيزي القارئ الكريم، لقد ضاقت بي المساحة المقررة للمقال، وبات لزاماً علي أن أترجل من صهوة القلم، رغم أني لم أنتهِ من حديثي في هذا الموضوع تحديداً، لذا سنؤجل الحديث، لكن قبل أن أرتحل أريد أن أوجه رسالة إلى أشقائنا الأحوازيين: «عربي ديكة» طبعاً وأكيد، بل وأفضل من «بعض» الشيعة العرب، ولن أمل من قولها مراراً وتكراراً: الانتماء للبحرين وعروبتها، والولاء للشرعية متمثلة في حكم آل خليفة، هو المعيار الحقيقي للوطنية، وللعلم، لن تجد معنى آخر مسجلاً في جميع معاجم اللغة والدساتير لمن يعيش في البحرين وينتمي لإيران قلباً وقالباً ويوالي خامنئي على قيادة بلاده، سوى «خائن»، وهي حقيقة واقعة يدركها شيعة العرب.