كما في عاشوراء من كل عام يعود الجدل في موضوع التطبير، وما إذا كان جائزاً شرعاً أم غير جائز أو ما إذا كان بدعة أم مظهراً دينياً يوافق عليه مراجع الشيعة؟ غداً هو يوم العاشر من محرم، فيه تخرج أعداد كبيرة في مواكب تطبير تجوب الطرقات العتيقة في المنامة بشكل خاص، تحظى بجمهور كبير لما تتضمنه من إثارة تتمثل في إسالة الدماء من الرؤوس يتابعها حتى الذين لا يوافقون على هذه الممارسة.زيارة سريعة إلى الشبكة العنكبوتية تضعك أمام قائمة تحتوي أسماء نحو مائة مرجع ديني شيعي كلهم يحرمون التطبير ويرفضونه ويعتبرونه بدعة وإساءة للدين وللمذهب، ومع هذا فإن كل من اعتاد ممارسة التطبير أو اعتقد أنه وسيلة للتعبير عن حب سيد الشهداء يرفض كل الفتاوى بما فيها فتوى مرشد إيران آية الله علي خامنئي الذي حرم التطبير بوضوح وانتقد ممارسيه ومنعهم من القيام بذلك في إيران. حالياً لا يوجد في إيران من يمارس التطبير، ذلك أن المعروف عن خامنئي أنه يتخذ من التطبير موقفاً سالباً ويرفضه، وكذا فيما يتعلق بممارسات أخرى ألصقت بقضية الحسين زوراً مثل المشي على الجمر «قرار حكيم وجريء اتخذته إدارة الأوقاف الجعفرية أخيراً فيما يخص المشي على الجمر حيث تواصلت مع مروجي هذه الفعالية وأبلغتهم رفضها المطلق لإقامة هذه البدعة الدخيلة والمسيئة لقيم ومبادئ شعائر عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام».عن التطبير قال خامنئي إنه «مضافاً إلى أنه لا يعد عرفاً من مظاهر الأسى والحزن وليس له سابقة في عصر الأئمة ولم يرد فيه تأييد من المعصوم بشكل خاص ولا بشكل عام، يعد في الوقت الراهن وهناً وشيناً على المذهب، فلا يجوز بحال». وكذلك قوله «لقد جرت العادة في قديم الأيام وبين عوام الناس أن يعلقوا أقفالاً بأجسامهم في مراسم العزاء فانبرى لها كبار العلماء واندثرت هذه العادة، غير أنها ظهرت مجدداً في الآونة الأخيرة، إنه عمل خاطئ يقوم به هذا البعض، وكذلك الأمر بالنسبة إلى شج الرؤوس بالسيوف أي ما يصطلح عليه بـ»التطبير»، إنه عمل خاطئ أن يشج البعض رؤوسهم بالسيوف، ليس من العزاء أن يشج الإنسان رأسه بالسيف ويريق دمه، إنها بدعة وليست من الدين، ولاشك في أن الله لا يرضى على ذلك. إن علماء السلف الذين لم يتصدوا لهذه القضية إنما كانت يدهم مغلولة في هذا المجال، ينبغي ألا نقوم بأعمال تصور أبناء هذا المجتمع بأنهم أناس خرافيون وغير منطقيين أمام المسلمين وغير المسلمين في العالم».هذه فتوى خامنئي وحديثه، تحريم واضح لفعل وصفه بأنه دخيل على الإسلام. والأمر نفسه يقوله مراجع شيعة كبار، ولعل من المناسب هنا الإشارة أيضاً إلى الكلمة المنسوبة إلى آية الله العظمى السيد محسن الحكيم والتي يؤكد العلماء أنه قال «إن هذه الممارسات «التطبير» ليست فقط مجرد ممارسات، هي ليست من الدين وليست من الأمور المستحبة بل إنها مضرة بالمسلمين وفي فهم الإسلام الأصيل وفي فهم أهل البيت عليهم السلام ولم أر أياً من العلماء عندما راجعت النصوص والفتاوى يقول إن هذا العمل مستحب يمكن أن تقترب به إلى الله سبحانه وتعالى. إن قضية التطبير هي غصة في حلقومنا» .هكذا وصفها السيد الحكيم، غصة في الحلق، وهو ما يعني أن ممارسي التطبير تسببوا في إحراج المراجع بإصرارهم على هذه الممارسة التي يجمع الكل على أنها دخيلة وتسيء إلى قضية الحسين عليه السلام. إصرار المطبرين لابد أن يقابله إصرار المراجع لإغلاق هذا الملف.