التغلغل الحوثي في اليمن درس يجب ألا يغيب عن عيون الدول الخليجية، وعليهم أن يتذكروا دائماً ما حصل في اليمن، حتى لا تأخذهم العواطف ولا الأفكار بأنه لا ضير من العلاقات السياسية والثقافية والتجارية مع إيران، التي تتخذ أساليب وطرقاً للوصول إلى غاياتها، ليس عن طريق تاجر أو عامل إيراني، فأتباع إيران من كل جنسية عربية خليجية، وها هو الدعم الإيراني للحوثيين بدأ عن طريق تجار يمنيين حيث كانت المخابرات الإيرانية تمدهم بسلع استهلاكية بدون مقابل مادي وتباع في الأسواق اليمنية عن طريق هؤلاء التجار وتسلم قيمتها لحلفاء طهران في اليمن بعد خصم قسط معين لهؤلاء التجار مقابل تخليصها وتسويقها. ونحن نتساءل، فلما لا نتوقع أن يحدث هذا في الدول الخليجية والعربية، فالأمر بغاية السهولة ومغرٍ لضعفاء النفوس عندما تأتي الأموال بكل يسر وسهولة، ثم الوسيلة قانونية ومضمونة؟!وقد تزايد الدعم الإيراني للحوثيين بعد تراخي القبضة الأمنية لنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح في تلك الفترة وانشغاله بالاحتجاجات ضد حكمه، واستغلت إيران الفوضى وسنحت لها الفرصة فقامت بإرسال الخبراء من العراق ولبنان تحت مهن ومجالات مختلفة مثل السياحة والتدريس والحلاقة وبيع البليلة، وبعض أنواع الاستثمار، وهم في الحقيقة إما استخبارات أو مدربين عسكريين أو مستقطبين للشباب، كما ذكر في بعض التقارير، والذي بدأ بشكل ملحوظ مثله في بعض الدول الخليجية وحتى البحرين، التي تدفق إليها عمال من جنسيات عربية وأجنبية، يشتغلون في تجارة المطاعم وصالونات الحلاقة وغيرها من الاستثمارات، فباب إصدار تأشيرات وتصاريح العمل مفتوح، وعلاقات تتوطد، وتجارة تمتد وعمال ومستثمرون يتوافدون.وأما وسيلة ضمان تدفق السلاح إلى الحوثيين فقد اعتمدت إيران على تهريبه عن طريق الرحلات البحرية، بعدما قامت بإنشاء قاعدة لها في إريتريا، حيث تقوم السفن الإيرانية الموجودة في منطقة خليج عدن بحجة المساهمة في مكافحة القرصنة، تقوم السفن التجارية الإيرانية بتهريب كميات من الأسلحة من خلال قوارب صيد يمنية إلى داخل اليمن، حيث كشف تقرير أمريكي أمني في 2009، أن إيران تقوم بتهريب الأسلحة عن طريق ميناء «عصب» الأريتري إلى السواحل القريبة من محافظة صعدة ثم تخزينه، وبعد الطوق الأمني الذي فرضته القوات البحرية السعودية على ميناء ميدي وسواحل اليمن الشمالية، دفع بالقوات البحرية الإيرانية إلى إضافة أسطول رابع يتمركز في خليج عدن لتأمين طرق جديدة لتهريب الأسلحة للحوثيين، وحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في عام 2012، قامت إيران بإرسال مواد تستعمل في صنع أجهرة تفجير، وهذه المواد كانت قد أرسلت في سفن شحن خرجت من دولة عربية وأخرى أجنبية ورست في عدن، حيث كانت هذه الشحنات في طريقها إلى بعض رجال الأعمال اليمنيين الموالين للحوثيين، كما يتم التهريب عن طريق حاويات مهربة فوق قاطرات من موانئ مختلفة يتم تهريبها مع بعض النافذين، كما تم اكتشاف موقع استثماري كان يقال إنه مصنع للألمنيوم وتبين أن معداته معدات مصنع أسلحة.إذن الخطر الإيراني خاصة على دول الخليج بدأ يتزايد، خصوصاً بعد تطور علاقتها مع بعض الدول الخليجية، التي ستسمح لها باستخدام موانئها ومياهها وفقاً للمعاهدات التي تم توقيعها على التعاون في المراقبة الأمنية البحرية وتعقب المهربين والإرهابيين، وقد تأتي بأساطيلها، وكما تعلمون قوارب الصيد وسفن الشحن المنتشرة في مياه دول الخليج، يمكن استخدامها لتهريب الأسلحة التي تقوم السفن الإيرانية وحتى غير الإيرانية بإلغاء حمولة الأسلحة في المياه في لحظات، ويتم سحبها عبر غواصين من سفن الصيد، التي يسهل جرها إلى السواحل أو تحميلها في السفن والقوارب، وما أكثر السواحل وما أسهل الوصول إليها وما أكثر القرى المغلقة على هذه السواحل، وحتى المفتوحة، خاصة في دول قد لا تكون لديها شك في أن ساحلاً في بعض المناطق لا يمكن الشك فيها إلا أن الحركة فيها سهلة فلا مراقبة لحركة قريبة، لأن الحركة فيها معتادة، إذن هذه الموانئ لبعض الدول الخليجية لا تقل خطراً عن القاعدة الإيرانية العسكرية في أريتريا، وها هو اكتشاف مخازن الأسلحة الهائلة في دولة الكويت والبحرين، تدل على سهولة تهريب الأسلحة وتخزينها، فهذه الأسلحة لم تسقط من السماء، بل جاءت عن طريق الموانئ والسواحل والمنافذ البرية وقد تكون الجوية، فشركات النقل والشحن كثيرة وميسرة، والموظفون والعاملون ومنهم الموالون كثر، فالمال الإيراني اشترى منظمات ودولاً، فكيف لا يشتري عاملاً ومسؤولاً وتاجراً، مثلما اشترى بعض التجار اليمنيين.