هذا حديث قديم متجدد، يتجدد يومياً لأن هناك من المواطنين من سيكمل «يوبيله الفضي» في انتظار وحدة سكنية، نعم ففترات الانتظار وصلت لحاجز يفوق العشرين عاماً، وهذا أمر لا يفترض القبول باستمراره في البحرين. تمر علينا حالات عديدة من معاناة للناس في هذا الشأن، فهو إن لم يطله «فلتر» الاشتراطات «حتى مع رفع السقف وإنهاء دمج راتب الزوج والزوجة»، ليخرج من خانة المستحقين للتحصل على الخدمة الإسكانية، فقد تطاله كارثة الانتظار الطويل، التي بحد ذاتها «تكسر» عزيمة أي مواطن، يرى أبناءه يكبرون أمام عينيه ويرى سنوات عمره تركض ومازال يراجع ويراجع ويسأل عن طلبه الإسكاني!ندرك تماماً حجم الملف وثقله، وهو الذي نصفه نحن وحتى مسؤولو الحكومة والنواب بـ»المشكلة»، وندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الوزير «المجتهد» باسم الحمر الذي يحاول رأب صدع تركة ثقيلة تكدست فيها الطلبات بشكل جنوني، وعاشت فيها وزارة الإسكان سجالات تشريعية كثيرة كان لها دور في التأثير على تسارع وتيرة العمل. نعلم تماماً أن هناك 50 طلباً إسكانياً في الانتظار، وأن الرقم يتحرك سنوياً، ما بين الوحدات التي يتم إنجازها والطلبات التي تقدم في نفس الفترة بواقع 4 آلاف طلب تقريباً في العام، وهو ما يوضح حجم الملف وثقله. لكن هذه الوضعية لا تعفي من ضرورة حل مشكلة الطلبات المتكدسة، وفي تصريح سابق للوزير نشرته الصحف أشار للعمل على حل موضوع قوائم طلبات سنوات 1993 و1994 و1995، وهو ما يعني أن لدينا طلبات انتظر أصحابها قرابة 23 عاماً!وقبل أيام فقط وصلتني حالة لطلب منذ 1996 «مدركاً بأن هناك حالات شبيهة» صاحبها سيدخل العشرين عاماً، أبناؤه دخلوا الجامعات، وراتبه لا يمكنه من شراء منزل أو حتى استئجار سكن أو شقة! وعلى مثل شاكلته كثيرون!أعلم تماما أن كل حالة لها قصة ووضع وظروف، وأن هناك من يصر على أن يمنح وحدة سكنية في منطقة معينة وأنه لن يقبل إلا بما يريد. لكن في المقابل هناك مبدأ لابد أن نتفق عليه، وهو أن سن الانتظار للاستفادة من الخدمة الإسكانية بحسب ما تصرح به وزارة الإسكان هو خمسة أعوام، وعليه فإن الانتظار لسنوات تصل لقرابة العقدين مسألة تفرض التحرك السريع لحلها، لأنها تمثل وضعاً غير طبيعي. لابد من حسم وضعية الطلبات القديمة، لابد من العمل على إنهائها من خلال جدولتها من الأقدم حتى الأحدث بحسب تواريخها ومنح الأولوية في توزيع الوحدات لأقدمها ومن يليه ومن يليه حتى ننهي حالات الانتظار الطويلة هذه، إذ لا يعقل أن نترك شخصاً ينتظر 23 عاماً وآخر يحصل على الوحدة خلال خمس سنوات أو سبع أو حتى عشر، فقط لأن الأول يفضل منطقة عن أخرى! خيروه بالتالي بين وحدة سكنية في هذه المنطقة أو تلك أم أنه يفضل الانتظار حتى يحصل على وحدة في منطقته، حينها لا تتحمل الإسكان مسؤولية طول الانتظار. يحتاج هذا الملف لحل جذري، إذ القصص التي تصلنا مؤلمة، مثل قصة ذاك الشخص الذي انتظر لأكثر من 20 عاماً وحدة سكنية لكن الله اختاره، فتم تحويل الطلب باسم ولده وهو مازال ينتظر!