عندما صدر تقرير التنافسية العالمية 2015-2016 قبل أيام، انشغل الناس به وأخذ كل منهم يبحث عن تسلسل بلاده في التقرير، فرح البعض لإحراز بلاده تقدماً عن المستوى السابق، وخاب ظن البعض لتراجع بلاده، لكن دولاً عربية لم تدخل التقرير نهائياً، وهي العراق وسوريا واليمن والسودان والصومال وجيبوتي، وبينها عامل مشترك.التقرير وضعت فيه تسلسلات 140 دولة حول العالم، وهو تقرير سنوي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، يستند ترتيب التنافسية فيه إلى مؤشر يتم احتساب درجاته على أساس مجموعة سياسات وعوامل تحدد إنتاجية الدولة بعد جمع البيانات العامة والخاصة المتعلقة بنحو 12 فئة تمثل الدعائم الأساسية للتنافسية، هذه الدعائم هي: المؤسسات، الابتكار، بيئة الاقتصاد الكلي، التعليم الأساسي، الصحة، التعليم الجامعي، التدريب، حجم السوق، كفاءة سوق العمل، الجاهزية التكنولوجية، كفاءة الأسواق والسلع، تطوير الأعمال، أي أن هذا التقرير يأخذ بشكل عام كل المؤشرات التي تتعلق بالبنى التحتية ويبين مدى الثقة بمؤسسات الدولة وبنوكها وقدرتها على اجتذاب رؤوس الأموال.بالنسبة للدول العربية التي لم تدخل التقرير يمكن أن تقسم إلى مجموعتين، المجموعة الإفريقية وهذه لديها مشاكل مزمنة في الاقتصاد والتعليم والإنتاج، والمجموعة الأخرى المجموعة الآسيوية، والتي تضم العراق وسوريا واليمن، وهذه كانت تملك مقومات تجعلها تدخل التقرير، أما لماذا لم تدخل وأصبحت خارج التقرير، فلنأخذ مثالاً واحداً يبين لنا السبب وهو العراق، ولننظر إلى الدعائم الأساسية للتنافسية والتي يحتسب المؤشر درجاته على أساسها، وأولها المؤسسات التي أصبحت أغلبها واجهات لميليشيات ومظلات لأعمال غير قانونية، أما الابتكار فانحسر في ابتكار طرق التعذيب والقتل والخطف وكيفية إغلاق المناطق وعمل الكانتونات، وأما بيئة الاقتصاد الكلي فعمليات نهب الميزانية مستمرة حتى مع انخفاض أسعار النفط، وقبلها وصل الحال أن يسطو نائب رئيس الجمهورية على بنك، واليوم البنك الدولي يتوقع إفلاس العراق خلال 5 سنوات، وبالنسبة للتعليم الأساسي فبعد أن قضى على الأمية أواسط ثمانينيات القرن الماضي عادت له الأمية متسلحة بولاية الفقيه، وبخصوص قطاع الصحة، ظهرت أمراض كانت قد انقرضت قبل 40 سنة فها هي الكوليرا تقتل العشرات، وأما التعليم الجامعي الذي أنتج العلماء، سيطر كل حزب من خلال الميليشيا التابعة له على جامعاته، وبدؤوا بمنح درجات علمية لمن لا يجيد كتابة اسمه، والأسواق تغرق بالبضائع الإيرانية والصينية ولا يوجد إنتاج محلي، والتدريب أصبح على السلاح فقط ولطائفة واحدة.بعد كل هذا أيمكن لبلد مثل العراق أن يدخل تقرير التنافسية وينافس الدول؟! ويمكن قياس هذا الوضع بسوريا واليمن، لأن العامل المشترك مع العراق واحد، وهو الاحتلال الإيراني لهذه الدول، فلا يحلم أحد أن تدخل هذه الدول تقرير التنافسية وإيران تهيمن عليها.
Opinion
لا تحلموا بالتنافسية.. فإيران عندكم
31 أكتوبر 2015