سعي البعض إلى إصدار هذا البرلمان أو ذاك، في هذه الدولة أو تلك، بياناً يدين أو يشجب أو يدعو الحكومة إلى أمر ما، كل هذا لا يفيد ولا يساوي الجهد المبذول فيه. ما يفيد هو إيجاد قناة اتصال بالحكومة لحل الملفات موضوع الخلاف بالعقل وبعيداً عن الانفعال ولغة الاتهام والتخوين التي من شأنها أن تعطل كل تفاهم وكل اتفاق يمكن التوصل إليه. أي بيان يصدر عن أي جهة في أي دولة من دول العالم لا قيمة له ولا ينتج مفيداً، وإن تسبب في إيجاد حالة فرح مؤقتة لدى ذلك البعض الذي سعى لإنتاجه، وحالة فرح مماثلة للبعض الآخر المفتون بذلك البعض المفتون بتلك البيانات.أيضاً تبقى التقارير التي تصدرها بعض الجهات في بعض البلدان عن البحرين، بشكل دوري أو كلما عنّ لها ذلك ناقصة القيمة، وإن تسببت في حالة ارتياح لدى ذينك البعضين، المفتون بها، والمفتون بالمفتون بها، فالتقارير التي تصدر عن أي جهة في أي بلد عن بلد آخر، لا تصدر لإرضاء هذا البعض أو ذاك أو لسواد عيونهما، وإنما لتحقيق غرض ما تعلمه تلك الجهة وتلك الدولة جيداً، ولولا هذا لما أصدرت تلك التقارير. هذه حقيقة ينبغي أن يعلمها كل من يسعى إلى مثل هذه الأمور، في عالم السياسة لا شيء من دون مقابل، ويكفي للتأكد من هذا الأمر العلم بأن الجهة نفسها أو الدولة التي أصدرت هذا التقرير يمكن أن تصدر تقريراً آخر يستفيد منه من تم تناوله في التقرير الأول ويتضرر ذاك الذي استفاد منه. على مدى السنوات الخمس الأخيرة أصدرت جهات عديدة في بلدان عديدة بيانات وتقارير كثيرة لم ينتج عنها أبداً ما يمكن أن يطلق عليه صفة مفيد، تماماً مثلما لم ينتج عن تلك المؤتمرات التي تقام في بعض البلدان عن البحرين أي مفيد، إلا إن كان البعض المنظم لها يعتبر السب والشتم وكيل الاتهامات مفيداً، وتماماً مثلما لم ينتج أي مفيد عن النشاط الذي بذل ويبذل في جنيف منذ خمس سنوات.الخطأ الذي ترتكبه «المعارضة» هنا بكل تلاوينها هو اعتمادها مبدأ الحصول على كل شيء دفعة واحدة، وهذا غير ممكن في العمل السياسي الذي من طبيعته تقديم التنازلات والقبول بخسارة ما مقابل الظفر بربح ما، وتحقيق تقدم ما في مرحلة ما لبناء أساسات تعين على تقدم آخر في وقت لاحق. قصة الحصول على كل شيء أو ترك كل شيء لا مكان لها في العمل السياسي، وقصة الظفر ببيان شاجب أو إدانة أو استنكار أو صدور تقرير يوفر حالة فرح مؤقت لا يفيد «المعارضة» ولا من تقول إنها تعمل من أجلهم. الآن وبعد كل هذا العمل الذي لم ينتج مفيدا في السنوات الخمس الأخيرة صار لزاماً التفكير في التوقف عن كل تلك الأساليب والعودة إلى الداخل، وإلى حيث يتوفر العقل الذي يمكن أن ينتج حلولاً عملية، خصوصاً وأن في الداخل من الشخصيات الوطنية الكثير ممن يمكن أن يغنوا عن تلك البيانات والتقارير. الوقت الذي تصرفه «المعارضة» حالياً للظفر ببيان يصدر عن برلمان أوروبي أو تقرير يصدر عن خارجية الولايات المتحدة أو بريطانيا أو غيرهما، لو تصرفه في التواصل مع بعض الشخصيات الوطنية في الداخل بغية إيجاد قناة اتصال بالحكومة لوفرت على نفسها وعلى المواطنين الذين تضرروا من قلة خبرتها الكثير من الوقت والكثير من الألم.البحرين زاخرة بالشخصيات الوطنية التي تحظى بثقة كل الأطراف ذات العلاقة ولا مفر من توفير الفرصة لها لتقوم بواجبها.
Opinion
بيانات وتقارير.. وشخصيات وطنية
01 نوفمبر 2015