حقيقتان اهتم وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة ببيانهما والتأكيد عليهما في «حوار المنامة» وتستحقان وقفة، الأولى هي أن «الدعم الإيراني للتخريب في الدول العربية يمثل تهديداً كبيراً للمنطقة»، حيث إن «تصرفات إيران تمثل تهديداً لا يقل عن تهديد «داعش»»، والثانية هي أنه «يمكن أن يكون للحوثيين مستقبل في اليمن إذا ألقوا السلاح الآن وشاركوا في الحل السياسي». والحقيقتان لو وجدتا آذاناً صاغية لأمكن بسهولة عودة الأحوال في المنطقة إلى ما كانت عليه قبل أن يتحرك شيطان إيران وشيطان الحوثيين ولأمكن السيطرة على المشكلات الأخرى بسهولة أيضاً. «انتهاكات إيران المتكررة والسافرة لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وتعديها المرفوض على استقلال وسيادة مملكة البحرين» تسبب في توتير الأجواء في كل المنطقة، والمحاولات المتكررة لإيران للتدخل في شؤون مختلف بلدان المنطقة، وتحكمها في القرارين العراقي والسوري، وتغلغلها في لبنان، وسعيها لتكون جزءاً من القرار الفلسطيني، كل هذا زاد من توتير الأجواء في المنطقة، وزاد من حساسية دول المنطقة من إيران، فإذا أضيف إلى هذا سعي إيران الحثيث عبر الحوثيين للسيطرة على القرار في اليمن فإن الصورة تكتمل، ويصير سهلاً على الجميع، قبول ما قاله وزير الخارجية عن أن إيران لا تختلف عن «داعش»، فالاثنتان تتقاسمان رداء واحداً. ما فعلته إيران في البحرين لا يختلف عما فعلته «داعش» في سوريا والعراق، كلتاهما مارست التخريب وكلتاهما تسعى للسيطرة على المناطق التي يعتقد أنها يمكن أن تحييها وتطيل في أمدها. وكما أن محاربة «داعش» أمر منطقي وضروري كذلك فإن مواجهة إيران ولو بطرد القائم بعمل سفيرها من البحرين أمر منطقي وضروري. والأمر نفسه فيما يتعلق باليمن الذي يفرض المنطق والضرورة أيضاً الحد من نشاط الحوثيين وإرغامهم على الدخول في الحوار أو الاستسلام والخروج نهائياً من حياة اليمنيين الذين ذاقوا الويل على أيديهم. كان وزير الخارجية قد قال لـ«سكاي نيوز عربية» قبل حين إن هدف دول التحالف العربي مواجهة التدخل الإيراني بالمنطقة، فهي تتدخل في الكويت والعراق وسوريا واليمن والمنطقة الشرقية من السعودية بالإضافة إلى البحرين، أي أنها بالعامية «ساس البلى»، ولولاها لما حدث كل هذا الذي لا يزال يحدث في المنطقة، تماماً مثلما أنه لولا «داعش»، لما صار كل هذا الذي لا يزال يصير في سوريا والعراق على وجه الخصوص ويحدث في بلدان أخرى عديدة. وزير الخارجية قال بوضوح إنه «في الآونة الأخيرة تزايدت تدخلات طهران وبشكل مباشر في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية من خلال محاولات تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار هذه الدول ومحاولة بث الفتنة والنزعة الطائفية بين أبناء الجلدة الواحدة»، وقال أيضاً إن «الأنشطة الإيرانية المشبوهة في المنطقة متعددة مثل زرع خلايا مسلحة وشبكات تجسس في الكويت كخلية العبدلي أو تورطها بتدريب وتمويل عناصر في البحرين لتنفيذ تفجيرات كتفجير سترة مثلاً، وذلك في مسعى لتأزيم الموقف على الساحة السياسية».عملياً لا فرق بين ما تقوم به إيران وما يقوم به «داعش»، هذا مصنوع في إيران، وذاك مصنوع في «داعش»، وإيران و«داعش» كلتاهما تبتغي من لحمنا شبعاً. هذه هي الحقيقة الأولى التي اهتم وزير الخارجية بتوضيحها للمجتمعين في «حوار المنامة»، وهي حقيقة تتكامل مع الحقيقة الأخرى التي بينها للمجتمعين أيضاً وقدم من خلالها نصيحة للحوثيين بالتوقف عن مغامرتهم الفاشلة وإلقاء السلاح والدخول في حوار جاد مع الأطراف اليمنية الأخرى وإلا فلن تقوم لهم قائمة وسيكون مصيرهم كمصير «داعش» الذي تجمعت عليه الأمم، ولن تتوقف إلا بعد أن تقضي عليه.