نؤكد بقوة ونشد على يد جلالة الملك حفظه الله ورعاه بشأن توجيهه بـ «حفظ المال العام ومراقبة إنفاقه»، وذلك عند استلامه النسخة الجديدة من تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية أمس الأول.جلالة الملك أثنى على الجهود المبذولة من قبل الديوان ممثلاً برئيسه الرجل الفاضل حسن الجلاهمة وطاقم العمل معه في الديوان، من أفراد نقدر لهم الجهد الكبير المبذول في عمليات الرصد والتدقيق وكشف المخالفات ومتابعة تصحيحها وإصدار التقارير الدقيقة بشأن كل ذلك.لكننا نعود ونتوقف عند دعوة الملك حمد بن عيسى، الرجل الذي بأمره تأسس ديوان الرقابة المالية والإدارية قبل أكثر من عقد مع انطلاقة المشروع الإصلاحي، وذلك بهدف حماية المال العام وضبط العمل الإداري في قطاعات الدول.جلالته يدعو لحفظ المال العام ومراقبة إنفاقه، وهو ما نطالب به ونؤكد عليه، ونتمنى أن يتم تفعيله بقوة، وأن يكون التعاطي مع هذه التقارير الغنية بمعلوماتها الوافرة تعاطياً مسؤولاً يقود لمحاسبة من استهتر بالمال العالم ومسؤولياته الإدارية، والتي قادت لحالة من الإخلال الإداري والتسيب وعدم الالتزام بالثقة الممنوحة من خلال المنصب لخدمة البلد والمواطن.نتذكر كمواطنين نسخاً عديدة من تقارير الديوان صدرت وخلصت إلى «لا شيء»، فيما يتعلق بالمحاسبة والمساءلة، وللأسف كثير من المخالفات التي ترد نجد لها تكراراً معيباً في السنوات التي تعقبها، وكأن بعض المسؤولين عن هذه التجاوزات وصلوا لحالة «مناعة»، لا تهمهم فضيحة نشر نتائج تسيبهم وعدم حرصهم، على الملأ، بل باتوا يعملون بأساليب لا تصحح الأمور بل تزيد الطين بلة.هنا نبحث عن الدور الفعال في المساءلة، وبحكم التجربة لا يعفى مجلس النواب المنتخب من الشعب من مسؤوليته تجاه هذه التقارير، ونحن كمواطنين نلومهم أشد لوم، ولا يمكننا قبول عديد من الأعذار التي سيقت في إطار السجالات التي شهدناها في الفصول والأدوار النيابية السابقة، باعتبار أن أي خلل في الآليات كان يمكن أن يحل منذ بدايات عمل مجلس النواب قبل أكثر من عشرة أعوام، لا أن نفاجئ الناس اليوم وبعد كل هذه السنوات بأن الرغبة في «نسيان» الأمور هي الحل الأمثل.أيضاً في جانب الحكومة هناك مسؤولية تجاه التقارير، وسنحسب لها التحرك في السنوات الماضية في اتجاه البحث والتصحيح وإحالة بعض القضايا للنيابة، لكننا سنقول إن العدد الذي أحيل والقضايا التي ستتم فيها المحاسبة القانونية لا نراها - بعين المواطن والمراقب - تتناسب مع حجم ما ينشر على صفحات الجرائد من مخالفات وتجاوزات، وعليه نقول إنه من المؤكد حاجتنا لصرامة أكبر ومحاسبة أقوى و»ردع» أي مسؤول استهتر بالعمل الإداري بما أدى لخلل في أداء القطاع المعني عنه، وأسفر ذلك عن تجاوزات مالية وهدر من ميزانية الدولة.ما يحز في النفس أن مثل هذه الأدوات التي هي نتيجة رائعة لمشروع جلالة الملك الإصلاحي لا نحرص على الاستفادة منها بالصورة المثلى، ديوان للرقابة وتقاريره تفضح الفساد والتجاوزات يعني منطقياً تضاؤل الأموال المهدورة وتصحيح ممارسات إدارية خاطئة، لكن المتابعة الدائمة والمقارنة السنوية بين تقرير وآخر تقودنا لبعض التحليلات التي أخطرها يقول إن هناك من «لا يرتدع» عن أخطائه وأن هناك من «لا يهمه» إن حرق مال الدولة أو أهدره بلا فائدة تعود على الوطن وأهله.حافظوا على المال العام وراقبوا إنفاقه، هي دعوة جلالة الملك الصريحة والواضحة، هو من منحكم هذه الوسيلة «تقارير الرقابة» وهو من منحكم الأدوات «رقابة ومحاسبة برلمانية وإجراءات محاسبة حكومية وصلاحيات سلطة قضائية بالقانون»، بالتالي لا عذر اليوم إن استمرت المخالفات أو زادت، اضربوا بقوة على يد الهدر المالي والتسيب والإخلال الإداري، حينها تصلحوا كثيراً مما أفسده البعض.
Opinion
«احفظوا المال العام.. وراقبوا إنفاقه»
04 نوفمبر 2015