في السابق كان مفهوم العلاقات العامة يطبق من خلال أن يخرج الرجل الأول للمؤسسة ليقول إن «منتجنا هو الأروع»، أو أن «أداءنا هو الأفضل». أما الآن فالعلاقات العامة الحديثة تعتمد على أن يشهد لك الآخرون بأنك الأفضل، وبأن أداءك أو منتجك هو الأفضل، وهذا بالضبط ما قام به القائمون على «حوار المنامة».لن أقيم ما حدث داخل جلسات «حوار المنامة» سياسياً، فالزملاء الإعلاميون قاموا بجهد جبار في سبيل تغطية جلسات المؤتمر بطريقة تحليلية رائعة، بل سأقيمه من منظور العلاقات العامة والإعلام، حيث نجح القائمون على هذا المؤتمر في أن يضعوا البحرين على خارطة الدول الاستراتيجية لعقد مؤتمرات وقمم ذات وزن وثقل دولي. فالمؤتمر أصر على استضافة عدد من المتحدثين على مستوى عالٍ من جميع أنحاء العالم، كما تميزت محاور الجلسات بالأهمية والآنية والجرأة والشفافية في الطرح.ومن العلامات المميزة والفارقة في المؤتمر «المهم» هو المعرض الأمني الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية، والذي يدل على نباهة وذكاء القائمين عليه، فما أحوجنا لأن نكشف للعالم حقيقة ما حدث، وما أذكى أن نجعلهم يرون الحقيقة بأم أعينهم، وأن يحكموا بأنفسهم على خلفية الأحداث الإرهابية التي جرت في مملكة البحرين، وعلى التعاطي الأمني القانوني لها. وهذا بالفعل ما قامت به وزارة الداخلية من استغلال أمثل لهذا المؤتمر الدولي الذي بات يعد من أهم المؤتمرات على المستوى الإقليمي، والذي تحضره العديد من الشخصيات المؤثرة في الرأي العام الدولي، كما تحضره العديد من القنوات الإعلامية ووسائل الإعلام.ليس هذا وحسب، بل تزامن هذا المؤتمر مع عدد من الأحداث مثل وضع حجر الأساس للقاعدة البريطانية وغيرها من الأحداث في مملكة البحرين والخليج العربي، حيث تعد هذه الحملات الإعلامية وتوصف في علم العلاقات العامة بأنها «ضربة معلم».وفي رأيي المتواضع، أن جميع تحركاتنا يجب أن تكون بمستوى «حوار المنامة»، وأتمنى ألا تخرج علينا أصوات نشاز لا تفقه في فن وإدارة السمعة شيئاً لكي تقول إن «كلفة المؤتمر تجاوزت آلاف الدنانير»، وتحارب القائمين على هذا المؤتمر الذي خلف الكثير من الأمور الإيجابية لمملكة البحرين، فبناء السمعة يحتاج إلى حركات ذكية ومرتبة كالتي قام بها القائمون على «حوار المنامة».فليس هناك أروع من أن يعقد هذا المؤتمر على أرض مملكة البحرين التي كان يراد الإطاحة بها، والتي أثبتت للعالم أجمع صدق موقفها وحقيقة ما جرى فيها، بكل احترافية ومهنية عالية. ففي علم العلاقات العامة الحديثة لا مجال للثرثرة، أو رفع الصوت، أو المبالغة من أجل إثبات الحقائق. فكل ما يتطلبه فن إدارة السمعة هو أن تقف شامخاً متمسكاً بقيمك ومبادئك وتضع البراهين بهدوء أمام خصمك، لتبين له وللعالم أجمع أنك كنت ومازلت على حق. فشكراً لجميع القائمين على مؤتمر «حوار المنامة»، وشكراً لجميع الجهات المساندة لهذا المؤتمر، وشكراً لكل مواطن بحريني ساهم في إنجاح هذا المؤتمر وأظهر البحرين بأحلى وأبهى حلة. وشكر خاص لوزارة الداخلية على الاحترافية في إدارة الأزمات، واستغلالها الأمثل للفرص لكشف الحقائق.