بعد أن فتشوا ولم يجدوا ما يمكن أن يعيبوا به على «حوار المنامة» الذي عقد أخيراً في البحرين، وكان بشهادة الجميع ناجحاً ومفيداً وخرج المشاركون فيه وفي أيديهم مفاتيح حل العديد من الأزمات وضرب الإرهاب والكثير من الأمل لعودة الأحوال إلى ما كانت عليه في العديد من الدول التي تتعرض للإرهاب، عندما لم يجدوا ما يسيئون به إلى المؤتمر ومنظميه قالوا إنه «تحول من منتدى لبحث تعزيز الأمن في منطقة الشرق الأوسط إلى حفلة علاقات عامة»، في محاولة للقول إن»النظام صار ينظر إلى حوار المنامة على أنه فرصة لتلميع صورته أمام المجتمع الدولي»، أي للتغطية على الأحداث التي تشهدها البحرين منذ نحو خمس سنوات. وهو ما يكشف عن ضآلة تفكير من يعتبر نفسه معارضة، ذلك أن هذه الفعالية الدولية اليوم هي في نسختها الحادية عشرة بينما يتوفر أمام النظام ألف طريقة وطريقة للترويج لنفسه لو أراد اتباع مثل هذا الأسلوب الرخيص الذي يعلم الجميع أنه لا يمكن الضحك به على ذقون المشاركين وكلهم من السياسيين الكبار وذوي الخبرات. بالتأكيد لم يكن متوقعاً ممن يتخذ من النظام موقفاً سالباً ويعاديه أن يمتدح «حوار المنامة» وما خرج به المشاركون فيه، وبالتأكيد فإن ما قالوه كان متوقعاً، لكنه بالتأكيد أيضاً غير صحيح، فما استدلوا به على ذلك لا يعين على الحكم على الحوار بأنه كذلك لأنه لا غرابة في أن تستغل الدولة الفرصة لتوفير مثال على الإرهاب الذي يعاني منه الناس هنا، وبالتالي كان من الطبيعي أن توفر الجهات المعنية بالأمن معرضاً يحتوي على أدوات تم الحصول عليها من الميدان تثبت صحة ما تقول، فالمؤتمر أمني ويعقد في البحرين ومن الطبيعي أنه لن يتضمن معرضاً طبياً أو زاوية لعرض أحدث ما أنتجته مصانع العطور!قول البحرين إنها «تواجه أزمة أمنية وإرهاباً تدعمه إيران تدريباً وتسليحاً» ليس ادعاء ولكنه حقيقة يراها الجميع رأي العين، وهناك الكثير من الشواهد والإثباتات التي تؤكد هذا القول، والعالم كله يعرف أن هذا الأمر صحيح ولا تستطيع إيران أن تنكره، عدا أنه ليس من المنطق أن تتخذ البحرين من إيران التي هي جارتها موقفاً من دون سبب، فالبحرين دولة مسالمة ولا تريد من إيران سوى حسن الجوار؛ بل أنها تعودت غض الطرف عن كثير من الأخطاء والصفح عن الكثير منها. لو أن وزارة الداخلية لم توفر المعرض الذي احتوى أسلحة محلية الصنع -والتي بذلت أجهزتها جهوداً كبيرة في اكتشافها والقبض على بعض المتورطين فيها- في إحدى زوايا المؤتمر، ولو أن رئيس الأمن العام لم يقم بالاجتماع مع الوفود المشاركة والصحافيين لإطلاعهم على جهود الأمن لضبط الأسلحة الإيرانية المهربة، لو أن وزارة الداخلية لم تفعل كل هذا لاعتبرت مقصرة ولتلقت اللوم من المواطنين الذين عانوا كثيراً من الإرهاب ومن تدخلات إيران في الشؤون المحلية. ما قامت به الداخلية كان مهماً وواجباً عليها ولم يكن ادعاء؛ لأن الحاضرين في المؤتمر ليسوا من الفئة التي يمكن أن تصدق كل شيء بسهولة، وبالتأكيد فإنهم لن يجاملوا على حساب قناعاتهم وإن كانوا ضيوفاً، ولن يعدموا وسيلة للتعبير عن قناعاتهم. أما الاستناد إلى أن السلطات امتنعت عن إصدار تأشيرة لفلان أو علان فهذا لا يعني أنها خائفة من هؤلاء أو قلقة، وإنما يعني ببساطة أن هناك أسباباً منعت من إصدار تلك التأشيرات أو منعت من صدورها في الوقت المحدد، والدولة ليست ملزمة بإصدر بيان يوضح أسباب ذلك، فهذا حق تمارسه كل الدول بما فيها تلك الدولة «المثال والنموذج»!