لا يختلف المسلمون على أهمية الحجاب للمرأة المسلمة، وبين الدول الإسلامية من يفرضه بطريقة أو بأخرى، لكن محاسبة المرأة على نشر صورة لها من دونه على الإنستجرام وتوعد الدولة بمعاقبتها وتوقيفها عن العمل والسعي إلى الإساءة لها والإضرار بها «فنتك» لم نسمع به ولم يره الناس إلا في إيران، فقد توعدت هذه الدولة الممتلئة بالفساد ممثلة إيرانية نشرت صورة لها من دون حجاب وأوقفتها وزارة الثقافة عن التمثيل، بل أوقفت المسلسل التلفزيوني الذي تقوم ببطولته ويتم بثه حالياً، ما أدى إلى فرارها من طهران التي صار «الجميع» فيها يعتقد أنه يجب ملاحقة هذه المرأة قضائياً.«سكاي نيوز عربية» نشرت قصة الممثلة الإيرانية الشهيرة، صدف طاهريان، التي كل جريمتها أنها نشرت صورة لها على الإنستجرام من دون حجاب فتعرضت لسيل من الانتقادات من المتشددين في إيران الذين اعتبروا ذلك لفتة من الممثلة للاحتجاج على القوانين المقيدة للحريات وتمرداً، فلم تجد غير أن تفر لعلها تسلم. حسب الخبر؛ فإن الفنانة الإيرانية تشيكاميتشيمانماه التي تقيم خارج إيران تضامنت مع طاهريان ووضعت صورها هي الأخرى على الإنستغرام من دون حجاب، ما حدا بالمتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة إلى القول إنه «على الممثلتين الاعتذار علناً للشعب الإيراني والإقرار بأن سبب نشر الصور بهذه الطريقة هو معاناتهما من اضطرابات عقلية ونفسية»! كما أشار إلى أنه ستتم ملاحقتهما قانونياً لدى عودتهما. أما طاهريان التي توعدت الدولة الإيرانية بمعاقبتها فقالت في حديث لإحدى محطات الإذاعة إنها صعقت من الانتقادات التي تلقتها بسبب صورها، وإنها لم تتوقع ذلك من الشعب الإيراني، وإنها تلقت إهانات كثيرة، وأضافت «كل ما أستطيع قوله إنني أشعر بالأسف حيال رد الفعل هذا، وليس لدي شيء آخر لقوله غير أنني أريد أن أعيش في مكان ما بطريقة تجعلني سعيدة».هذه هي إيران التي للأسف يتخذها البعض هنا مثالاً ونموذجاً ويريد أن ينقل إلينا تجربتها الفاشلة في كل شيء ليبتلينا بها، فبعد كل هذا الشوط الذي قطعته البحرين في مجال الحريات والوسطية والاعتدال والديمقراطية وحقوق الإنسان يريد هذا البعض أن يأتيها بهذا النموذج الذي مثاله تسخير كل قوة الدولة لمحاربة مواطنة نشرت صورة لها بالشكل الذي لا يرضي المسؤولين وتعتبره عقولهم تحدياً لها ولهم. لكن استمرار هذا البعض في هوسه بهذا النموذج الفاشل والمتخلف يضر بالبلاد والعباد وصار لا بد من وضع حد له، فمن يريد أن يستورد عليه أن يستورد ما يضيف إليه وإلى تجربته لا ما يسلبه ويسلبها ويكون سبباً في تخلفه ونشر الفوضى وشغل المجتمع بما لا يفيد. ميزة البحرين أنها منذ القدم تحترم مواطنيها ومن اختار العيش على أرضها؛ فهي تؤمن بأن ارتداء الفتاة للحجاب مثلاً من دون اقتناع يضر بالمجتمع ويشغل الناس عن أمور مهمة، فالفتاة التي لا ترتدي الحجاب اليوم قد ترتديه بعد حين، والعكس صحيح. إرغام هذه الممثلة أو غيرها على ارتداء الحجاب أو عدم نشر صورة لها من دون حجاب على الملأ لا يحقق أي انتصار للإسلام ولا يعزز إلا الديكتاتورية التي تعيشها إيران وتمارسها بامتياز.لا يهم إيران إن افتضح أمرها بممارسة نقيض الديمقراطية التي تدعو إليها وتحمل رايتها، فالمهم عندها هو أن تتأكد أن الشعب لا يزال في قبضتها ولا يزال متعلقاً بالحلم الذي لا يأتي، أو بالأحرى الحلم الذي لا تسمح له بأن يأتي، لأن في توفره عوامل نهايتها، المهم عندها هو زرع الخوف في نفوس الإيرانيين الذين هم في نظرها مجرد بيادق تحركهم كيف تشاء وتلبسهم ما تشاء.
Opinion
قصة البيدق الإيراني الذي تمرد
07 نوفمبر 2015