سعى ملتقى أبوظبي الإستراتيجي الثاني الذي نظمه مركز الإمارات للسياسات 2-3 نوفمبر 2015 إلى مقاربة التحولات الجيوسياسية التي طالت خريطة توزيع القوة في العالم، وتحولات النظام الدولي، والتهديدات والمخاطر العالمية، وقضايا منطقة الشرق الأوسط، عبر 9 جلسات تضمنت ما يفوق 70 مداخلة ومناقشة على هامشها، وبمشاركة 300 من صانعي السياسات والخبراء والأكاديميين من 40 دولة. كان الافتتاح بجلسة عن الخليج العربي في العالم الجديد؛ وخصصت لتناول البيئة الإقليمية المتغيرة التي تحيط بمنطقة الخليج، والتحول في الإستراتيجية الأمريكية تجاه المنطقة، وقد أتيحت لي الفرصة لأكون متحدثاً فيها، حيث أنقل لكم ما خلصت إليه الجلسة دون توسع؛ رغم اعتمادي بشكل كبيرعلى مادونه فريق المركز وشملت الآتي: - لأول مرة تشهد منطقة الخليج، ذات الأهمية الإستراتيجية، هذا القدر من الاضطرابات المحيطة بها، والمتمثلة في حروب وصراعات تنتشر في الجغرافيا السورية والليبية واليمنية، فضلاً عن الفوضى الأمنية التي تطبع المشهد العراقي منذ سنوات، وتمدد تنظيم «داعش»، دون إغفال التدخلات العسكرية الأجنبية، لاسيما الإيرانية في العراق وسورية واليمن والروسية في سورية. - إن السياسات الأمريكية في المنطقة بدءاً بالربيع العربي ومروراً بتوقيع الاتفاق النووي الشامل مع إيران جعلت دول الخليج العربية تشعر بعدم الثقة بالحليف الأمريكي، كما إن اتباع الولايات المتحدة سياسة قائمة على رد الفعل والتأخر في اتخاذ قرارات فيما يتعلق بشؤون الخليج وصراعات المنطقة، جعل دول الخليج لاتعول كثيراً على فاعلية الدور الأمريكي.- لقد عكست عملية «عاصفة الحزم» في اليمن تحولاً في التفكير الإستراتيجي الخليجي، واقتناعاً بضرورة الاعتماد على القدرات والمبادرات الذاتية لحماية أمن المنطقة ومصالحها، ومثلت في الوقت نفسه رفضاً لتكرار تجربة العراق. بعد أن وقفت دول الخليج ساكنة بينما كان بلد عربي كبير على حدودها يسقط تحت الهيمنة الإيرانية.- عززت المخاطر والتحديات في الإقليم المضطرب لدى صانع القرار في الخليج الاقتناع بضرورة بناء نموذج للقوة بمفهومها الشامل لحماية النموذج التنموي للدولة، والانتقال من التعامل مع التحديات من موقع رد الفعل إلى استباق المخاطر والتهديدات المحتملة.- تعاني المنظومة الخليجية من غياب إستراتيجية موحدة ومتفق عليها بين دولها للاستجابة للتحديات والتهديدات الناشئة، وهذا ما يتبدى في كيفية التعامل مع حرب اليمن ومع التهديد الإيراني وخطر الإسلام السياسي.- بالرغم من الخطاب البلاغي الأمريكي عن «الاستدارة نحو آسيا»؛ تظل منطقة الشرق الأوسط بعامة، ومنطقة الخليج بخاصة، مهمة للسياسة والمصالح الأمريكية، بشرط عدم التورط في حروب المنطقة وتحميل القوى الرئيسية في الإقليم مسؤوليتها إزاء أزمات المنطقة.لقد كان ملتقى أبوظبي الإستراتيجي الثاني فرصة لاتفاق المشاركين في هذه الجلسة، وهم من المختصين، على أن أمن الخليج في زمن تشتعل فيه المنطقة بالحروب هش للغاية، ودول الخليج لن تستطيع الحفاظ على استقرارها بدون مخالب عسكرية.
Opinion
الخليج العربي في العالم الجديد
11 نوفمبر 2015