في رواية «متاهة زهرة» للكاتب البحريني حسين عبدعلي «.. تذهب نساء إحدى القرى للمختار يشكين إليه استفحال خيانة أزواجهن مع شهربان العاهرة التي تسكن القرية، وحين يواجه المختار شهربان بغضبة النساء عليها تجبه بأنها صارت كما يريد سكان القرية لها أن تكون، فبعد أن افتضحت جريمتها الأولى وهربت من القرية ثم عادت حاملة طفلتها نادمة تطلب الصفح والحياة وسط أهلها، رفضها أهل القرية وحكموا عليها بالعهر الأبدي. فلم تجد لها سبيلاً إلا الاستمرار في القضاء الذي فرضه عليها أهل القرية، ولذلك اقترح عليها المختار أن تستمر في ممارسة رذيلتها مع من تشاء من الرجال إلا رجال القرية، وبذلك صمتت نسوة الحي عنها وقبل الجميع وجودها في القرية!».وفي رواية «حرمة» للكاتب اليمني علي المقري قبل والد «لولا» أن تدخل ابنته لولا البيت وتخرج متى شاءت وأن تسافر إلى أي بلد تريد لقضاء مهام عملها دون أن يسألها أحد عن تفاصيل عملها ومصدر رزقها المتدفق، «لولا» هي البنت الكبرى للأسرة والدها شديد التحفظ وأخوها إسلامي متطرف، والاثنان يمارسان تطرفهما الذكوري على البنت الصغرى. أما «لولا» فهي خريجة ثانوية عامة فقط، ومع ذلك تعمل سكرتيرة في شركة خاصة ولها دخل كبير تمكنت خلاله من علاج والدها في الأردن حين أصيب بوعكة صحية خطيرة. وكان مصدر المال في حقيقة الأمر هو الحياة الجنسية المفتوحة التي تعيشها «لولا» وتجني بها الأموال. وقد ترك لها رجال منزلها حريتها المطلقة لمجرد أنها تنفق على المنزل بسخاء.وفي رائعته الخالدة «حادثة شرف» يعرض الراحل يوسف إدريس في هذه القصة القصيرة حكاية «فاطمة» الفتاة الجميلة ذات العينين الخجولتين التي تعيش في إحدى العزب مع أخيها وزوجته. كانت فاطمة لا تغادر المنزل إلا إلى الحقل لتوصل وجبة الغداء لأخيها وكانت على درجة من الحياء والرقة ما يزيد جمالها وجاذبيتها. وكان أخوها يخشى عليها من جمالها ولا يغادر قلبه الشك فيها. وفي أحد الأيام صرخت فاطمة بعد خروج أحد الشبان في وجهها فجأة. فظن أخوها أن شيئاً وقع بينهما وانتشرت الإشاعة والريبة في العزبة وتحولت إلى فضيحة استدعت فحص «شرف» فاطمة واختباره. وبعد أن تبين أن فاطمة عذراء وشريفة اطمأن أخوها وسكن قلبه وترك لها حرية الحركة والتجوال في القرية كيفما تشاء بعد أن رفعت رأسه بعفتها. ولكن قسوة «الاختبار» كسرت الحياء في عيني فاطمة وانخرطت في علاقات متعددة مع فتيان العزبة والغرباء ولم تعد فاطمة كما كانت.وفي الأعمال الأدبية السابقة يطرح الأدب «الشرف» باعتباره منتجاً يصنعه المجتمع ويحدد مواصفاته، وكيفية التعامل مع كل حالة على حدة. وقد صار المجتمع يتجاوز وضع المعايير الخاصة بالشرف إلى توزيع صكوك الشرف على أفراده. من أجل ذلك، وسيراً خلف هذه القواعد الاجتماعية، فإن امتلاك صك الشرف لا يكلف الفرد أكثر من مراعاة التقاليد الظاهرة وفي أسوأ الحالات المرور باختبار بسيط يستدعي بعض الصبر. ثم يصير المرء شريفاً رسمياً واجتماعيـــاً.