سؤال إجابته قد تكون بسيطة جداً، لكنها في الواقع أكثر تعقيداً مما يبدو. فصانع الإرهابي في شكله التقليدي إما أن يكون قائد تنظيم عسكري، أو قائد جماعة متطرفة أيدويولوجياً، أو قائد عصابة تمارس الجرائم بمختلف أنواعها. لكننا اليوم أمام صناعة للإرهاب بطريقة متقدمة وأساليب ملتوية و”غير مباشرة”، تصدر ممارساتها عن أناس يوهمون الآخرين بأنهم يقومون بأدوار عادية سواء كانت دينية أو من خلال الحراك المدني كجمعيات أو إعلام منحاز يعمل بعنصرية وطائفية. النوع الآخر هو الرائج اليوم، وهو الأخطر بكثير، لأنه يعمل على تأسيس الإرهاب في النفوس وتغذيته ورعايته بشكل "مظلومية” و”تكريس للحقد” ويقدمه على أنه "قضية نضالية” أو "دفاع عن حقوق”. الأخت الفاضلة سوسن الشاعر أشارت في مقالها بالأمس إلى هؤلاء وأطلقت عليهم وصفاً مطابقاً بشكل صحيح يتناسب مع الأدوار التي يقومون بها، وأعني هنا وصف "مساعد إرهابي”!نعم، هؤلاء يساعدون الإرهابيين، بل يعملون على إنشائهم وتكوينهم.عملية المساعدة تكون بالدفاع عنهم وتبرير أفعالهم، ومحاولة إيهام العالم بصورة مغايرة للواقع، يحرصون فيها على تصوير الإرهابي والمجرم على هيئة "حمامة سلام”، وأنه شخص مظلوم، وأنه هو المجني عليه، بينما الواقع يقول وبالأدلة والشواهد أنه الجاني وأنه المجرم وأنه القاتل. كم قضية فيها قتل لرجال الشرطة وشروع في ذلك، وكم قضية فيها ترهيب للناس وقطع للطرقات واستخدام للأسلحة والمولوتوفات، قام هؤلاء بتصوير مرتكبيها على أنهم هم "المظلمون” وأنهم "المجني عليهم”؟! بل المخجل يقوم المدافعون عنهم بالطعن في القضاء حينما يعجزون عن إثبات براءتهم، وحينما يتأكد ثبوت الجرم الذي أقدموا عليه، بل يدعون دون إثبات تعرضهم للتعذيب بخصوص الإدلاء بالاعترافات. وهنا على الأجهزة القضائية ألا تقبل بهذا "السخف” الذي يساق وينشر وتروج له حتى وسائل إعلامهم، سواء أكان صادراً من محامين أو جمعيات انقلابية أو حتى معلقين تحت الأخبار، خاصة حينما يتحدث أحدهم بلغة الجزم بأن هناك تعذيباً ممارساً دون امتلاكه لدليل. مثلما فعلت الصحيفة المدافعة عن الانقلابيين و”الخرسة” عن انتقاد إيران وجرائم بشار في سوريا يوم أمس، حينما تراكضت لتجري مقابلات مع عوائل محكومين بالإعدام ثبت عليهما جرم قتل رجل أمن والتخطيط له، وهو فعل لا يقوم به إلا إعلام متعاطف مع المجرم الثابتة عليه الإدانة، ولا تقوم به إلا جهة تريد الطعن في القضاء وتحشيد وتحريض قرائها عليه وعلى الدولة. في وقت لم يهتموا فيه بأي رجل شرطة استشهد جراء الإرهاب، لم يكلفوا على أنفسهم وصفهم له بالشهيد، ولم يجروا مقابلات مع عائلته وأطفاله وأهله، وغيبوا حتى عملية قتله، يمارسون أسلوب "الابتزاز العاطفي” حينما يحاورون عوائل المحكومين بتهمة القتل العمد من شيوخهم إلى أطفالهم، بغية استعطاف الناس وتأليبهم على القانون في البلد، ومحاولة إصدار صك براءة، لكن الله يوقع الكاذب في كذبه، إذ كيف تقول إحدى أقرباء المحكوم بتهمة القتل أنهم "صدموا” بحكم الإعدام لأن ابنهم برئ، في الوقت الذي كانوا يتوقعون فيه أقلها حكم "المؤبد”؟! هذا إقرار بأن هناك دراية بالعمل الذي ارتكب، وإلا لكان التوقع بالبراءة لا المؤبد.وثانياً كيف يتجرأ من يترافع عن الانقلابيين ومعروف موقفه من الدولة ليقول بلهجة آمرة "أطالب” بالعفو عنهم؟! من أنت لتطالب جلالة الملك بدلاً عن "مناشدته” و”الطلب” من جلالته النظر بعين الرحمة، وهو -جلالته- الذي ينتهي إليه التصديق على تنفيذ مثل هذه الأحكام؟!أما عملية الإنشاء والتكوين، فهي الأخطر لأنها تهدف لإعداد جيل ناشئ يتم تغذيته على الكراهية للدولة والنظام والمكونات الأخرى، جيل يتم تشبيعه بمفاهيم المظلومية والتمييز وخلق شعور بالاضطهاد، بالتالي ترى النتيجة تترجم على أرض الواقع عبر أفعال التخريب والإرهاب ومساعي قتل رجال الأمن والرغبة الدائمة في الانقلاب على النظام وكره المكون الآخر. مساعدو الإرهابيين هؤلاء وحاضنوهم من جمعيات مشكوك في ولائها ورجال دين مؤدلجين يعملون بالسياسة و”إعلام أصفر” أعور وعنصري، أطراف لا يجب السكوت على تماديها في عملية الشحن الطائفي الانقلابي، بعضهم يمارس أساليبه معتمداً على سعة صدر الدولة وطول بالها، وبعدها يبدأ بتصعيد اللغة ويتمادى ليصل لسقف خطير بالدعوة الصريحة للدهس على القانون والتحرك ضد البلد. لو كان هؤلاء في أمريكا أو بريطانيا أو حتى حبيبة قلوبهم إيران، لما منحوا فرصاً ثانية، ولما سمعت أصواتهم مرة أخرى، وكل هذا بالنظام والقانون، طبعاً باستثناء إيران شانقة مخالفيها على أعمدة الإنارة. ختاماً نقول بأن ألم أي أسرة على ابنها يمكن تفهمه، ففي النهاية هو لحمهم ودمهم، لكن في النهاية كل شخص يتحمل مسؤولية أفعاله، ولو قام أحدهم بارتكاب جريمة لا يمكن أن يكون ألم أسرته عليه سبباً في اتهام الدولة والقانون بالظلم، ولا مسوغاً لادعاء براءته، هو لم يفكر أصلاً في عائلته حين ارتكب جريمته، بالتالي الأولى ليست الصدمة للحكم بل الصدمة منه حينما ارتكب الجريمة، خاصة وأن كل ما قيل عنه في الإعلام الأصفر يدعي سلميته وأخلاقه الطيبة!نثق بعدالة الأحكام، خاصة مع وجود درجات التقاضي، ونثق بأن القضاء اتخذ حكماً عادلاً على قضية مثبتة، خاصة وأن المحامي الخطير لم ينجح في إثبات البراءة.في النهاية أرواح البشر أياً كانوا، ليست مباحة للعب فيها وإزهاقها، ومن يفعل عليه أن يخضع للقانون، فهو من اختار هذا الطريق.