يتضمن نظام الملفوظات الغربي بعد كل عمل إرهابي كلمات وإشارات وتلميحات فظة مستقاة من ما بين المحيط والخليج من أسماء ولغة وعرق ودين، يقابلها العقم التاريخي للمساعي العربية التي بذلت طوال عقود لتغيير تلك الأحكام الغربية المتحاملة التي تربطنا بالإرهاب، ما جعل كل داعشي من شذاذ الآفاق يتبنى سياسة القتل المرعب للتعريف بالدولة الإرهابية وإيصال الرسالة، تاركاً كما يتوهم الغرب وثيقة سفره وكفنه من بقايا الحزام الناسف، والأولوية الآن للتعرف على الجثث، من كلا الطرفين، فالحمض النووي سيظهر أن هناك عرباً ومسلمين بين الإرهابيين والضحايا، كما سيكون هناك فرنسيون بين الإرهابيين والضحايا؛ فالإرهاب فكرة لا تتلمس هوية أو دين العقل التي يحتضنها.نقول لباريس الجميلة.. ابحثي عن نائحات من مكان آخر، فنائحاتنا لا يجدن الوقت للنواح عندكم، فمنذ سنين وهن يقمن النواح والحزن على قتلانا في شوارع القدس والضفة الغربية وغزة وفي أطراف العراق الأربع وتحت أنقاض المباني في سوريا، وفي كل زنقة في ليبيا، وعلى الضحايا من الذين قتلهم الحوثيون، لكننا نستطيع راهناً أن نمدكم بالكثير من الإدانة والشجب فقد اكتوينا بنيران داعش مثلكم.الإرهاب جريمة سياسية، وفرنسا ارتبكت جرماً سياسياً في تدخلها المرتبك في الشام، ولولا تردد باريس بعد أن انتقلت إليها العدوى من باراك أوباما لكان الطاغية الأسد من مخلفات الماضي، ولما وجدت بذرة داعش بيئة حاضنة لها، كما كان هناك ثغرات أمنية ست في باريس، لو كانت في بلد عربي لطالب البعض بإقالة وزير الداخلية، لكن النفاق جعلهم يغضون الطرف عن وزير الداخلية الفرنسي وتقصيره كجزء من النظام السياسي الفرنسي، كيف تغافل وزير الداخلية الفرنسي ولم يتوقع الانتقام وللتو عادت المغيرات الفرنسية من دك الرقة، معقل الدولة الإرهابية؟ كيف تجاهل أن العدو عقرب مقتدر مثل داعش يجند شذاذ الآفاق بسرعة غريبة؟حين بدأت الحملة الجوية الروسية في سوريا، وبعد التنديد الشديد باستهداف موسكو للحركات السورية المعتدلة المناهضة للأسد، وزعت الآلة الإعلامية الروسية ما يفيد ببحث العسكر عن هدف كبير يحقق الزخم المنشود ويبدد تلك الاتهامات، وكان على رأس قائمة الأهداف العاجلة قتل البغدادي وقتل محمد موازي (JEHADI JOHN)، لكن واشنطن سبقتهم إلى قتل الجهادي جون، بعد يوم واحد من قصف الطائرات الفرنسية للرقة. وعليه ففي تقديرنا أن هجمات باريس كان سببها الأهم هو الانتقام من الغارة الفرنسية التي ربما قتلت شخصاً مهماً بالرقة غير موازي، كما لا نستبعد أن تكون الضربة القادمة انتقاماً لمقتل موازي.