لجلب أكبر قدر من المستثمرين إلى البلاد يجب عمل كافة التسهيلات الممكنة من طرف الجهات الحكومية لهم، ولخلق مناخات جيدة وصحية اقتصادياً في مجال الاستثمار يجب تذليل كافة العقبات في وجوه المستثمرين، المحليين أو الأجانب، كما هو الحال في بعض الدول التي تهتم برفع الناتج المحلي عبر بوابة الاستثمار.إن هذا الحديث ينطلق من طبيعة العقلية التي تدير هذا الشأن في مؤسسات الدولة، ومدى شجاعتها بالمجازفة المدروسة في سبيل كسب أكبر قدر من المستثمرين الذين يضخون من رساميلهم الكثير في خزانة الدولة، دون التحفظ الجبان الذي هو في طبيعته طارد لكل ما له علاقة بالاستثمار المحلي والأجنبي، فرأس المال جبان، وإذا اصطدم المال الجبان بالقوانين الجبانة والمترددة فإنه سيسارع هارباً إلى دول تشجع أصحابه على الاستثمار هناك بكل أريحية.إذا كانت هذه مطالبنا بتسهيل عمليات الاستثمار الأجنبي في البحرين يكون من الأولى تذليل العقبات البيروقراطية أمام المواطن البحريني في إنجاز معاملاته وعدم التضييق عليه وتطفيشه من خلال قوانين واشتراطات مؤسسات الدولة.كانت هيئة الكهرباء والماء تستلم من المواطن أو حتى من الأجنبي، من الذين يريدون أن يفتحوا لهم «حسابات» كهربائية مبلغ 100 دينار بحريني كتأمين، وفي الآونة الأخيرة ارتفع مبلغ التأمين إلى 300 دينار، هكذا بدون سند قانوني أو حتى من دون علم مجلس النواب!بمعنى لو أراد أحد المواطنين أن يسكن في شقة، فعليه أن يدفع مبلغ 300 دينار كتأمين إلزامي للاستفادة من خدمات الكهرباء والماء لو أراد ذلك، كذلك الحال مع الأجنبي، وكلنا يعرف أن مبلغ 300 دينار ليس بالمبلغ البسيط بالنسبة للمواطنين ولا حتى للمقيمين.ربما تتعلل هيئة الكهرباء والماء أن هذا المبلغ سوف يسترجع وقت إنهاء المشترك خدماته في الهيئة، أو أنه سوف يخصم منه المبلغ المستحق للدفع، لكن هذا الأمر مردود عليه بكل تأكيد، فمن لم يدفع من المواطنين مستحقاته المتبقية عليه للهيئة، يحق لها أن تمنعه من أية خدمات أخرى في المستقبل إلا بعد أن يقوم بتسديد مستحقاته كاملة، وفي حال لم تستطع ذلك، يكون باستطاعتها تقديم دعوى قانونية / جنائية ضده حسب القانون البحريني، أما بالنسبة للأجنبي، فإنها تستطيع إيصال المعلومات المتعلقة بمستحقاته المالية للهيئة عبر الرابط الحكومي أو الجهاز المركزي للمعلومات، في حال أراد الخروج / الهروب من البلاد، دون الحاجة للضغط عليه من البداية لدفع رسوم غير قانونية وغير مقررة أصلاً من طرف السلطة التشريعية في البحرين.يقول أحدهم: لدي شقة خصصتها من أجل أن يستفيد منها ابني الكبير، وحين قام بتقديم طلب لهيئة الكهرباء والماء من أجل الاستفادة منها طلبوا منه دفع مبلغ 300 دينار كتأمين، على الرغم من أنه بحريني وأنا بحريني، وأن أي مبلغ لن يدفعه ابني سيتحول لحساب منزلي مباشرة، فلماذا مبلغ الـ300 دينار؟ في إمارة دبي وفي بعض الدول التي تستهوي وتستقطب المستثمرين لا توجد كل هذه التعقيدات التي نجدها في البحرين، مع العلم أن المنامة هي العاصمة التي علمت كل دول المنطقة مفاهيم الاستثمار، لكن مع الأسف الشديد لم تتغير عقلية المسؤول عندنا، ولهذا أصبحت مثل هذه العقليات في مؤسسات الدولة طاردة للاستثمار والمستثمرين.إذا كانت مؤسسة من مؤسسات الدولة كهيئة الكهرباء والماء تفرض «الجباية» على المواطنين فكيف لا تفرضها على المستثمرين الأجانب؟ وعليه نطالب اليوم بتقديم الكثير من التسهيلات في وجه المواطنين والمستثمرين معاً، فالخوف من عدم سداد فاتورة الكهرباء بسبب وجود ثغرة قانونية في اشتراطات الخدمات، لا يبرر رفع الرسوم على المواطن أو حتى المقيم وعلى المستثمر أيضاً، فتعديل القوانين الآمنة المتعلقة بتحصيل المبالغ، أفضل من رفع الرسوم بدون وجه حق، كما أن كل ذلك مخالف لتوجيهات مجلس الوزراء الموقر.
Opinion
مساوئ رفع رسوم الخدمات.. الكهرباء والماء نموذجاً
19 نوفمبر 2015