استفاقت فرنسا قبل أيام على ضربة إرهابية قاصمة للظهر، راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى من الأبرياء على يد ثلة مجرمة من الإرهابيين. لم تهتز فرنسا لوحدها، بل كل العالم بكى لهذه الجريمة البشعة، والتي لا تعبر عن الخط الإنساني السوي لبقية شعوب الأرض وإنما تعبر عن توجهات لأشخاص تشربوا الإرهاب ونزعت الرحمة من قلوبهم، فقاموا بقتل الأنفس بدم بارد أمام مرأى ومسمع كل العالم.نحن اليوم أمام معركة حقيقية ضد الإرهاب الدولي، الإرهاب العابر للقارات والجنسيات، وهذه هي معركتنا جميعاً وليست معركة فرنسا أو أية دولة ضربها الإرهاب من قبل أو حتى من بعد، فالعمليات الإرهابية بدأت تتمدد في كل دول العالم، وأصبح الإنسان لا يأمن على نفسه في كل العواصم، ولهذا فإما أن نقضي على الإرهاب أو يقضي علينا.من الضروري دراسة أسباب الإرهاب ومعالجة واقعه والبحث عن مسبباته ومحدداته، والأهم من كل ذلك تجفيف منابعه وملاحقة مصادره ومحاسبة رجالاته وكل المحرضين عليه وفق القانون الإنساني والدولي، فالمعركة بدأت ولن تنتهي إلا بانتصار أحد أطرافه، وبكل تأكيد، يجب أن تكون الغلبة للإنسان على كل قرون الشيطان.إذا لم تسلم باريس المحصنة أمنياً من الهجمات الإرهابية المنظمة، فكيف بعواصم الدول العربية التي مازالت تعاني الكثير من الثغرات الأمنية فيما يخص الإبقاء على حظوظها كاملة في وجه كل اعتداء محتمل، خصوصاً إذا ما عرفنا أن بعض الإرهابيين يتلقون دعماً من دول ومن منظمات وقوى سياسية عبر العالم، كما إنهم أصبحوا أكثر عدة وعتاداً وتنظيماً حول العالم، ومن هنا نؤكد أن المعركة أصبحت قريبة من أوطاننا، ولهذا يجب على الحكومات والشعوب العربية الالتفاف حول نفسها من أجل القضاء على كل أنواع الإرهاب في عالمنا العربي.يجب علينا أن نؤكد كذلك على أمر في غاية الأهمية، وهو ضرورة تفطن الشعوب العربية على نعمة الأمن فيها، والحفاظ على هذه النعمة التي تفتقدها أقوى شعوب وحكومات العالم، فالأمن هو العمود الفقري للدول الحديثة، وهو الحلقة الرئيسة من حلقات الاستقرار والتنمية والبقاء، وعليه يجب على بعض الشعوب العربية أن لا تخلط بين مطالبها المشروعة وبين إبقائها ومحافظتها على الحالة الأمنية المستقرة داخل بلدانها، فحين يزول الأمن فلا جدوى من كل المطالب والحقوق والأمنيات، بل لا فائدة مرجوة حتى من الديمقراطية المتقدمة حين تأتينا بلا أمن «فرنسا نموذجاً».أخيراً يجب علينا أن نعزز من مستوى الأمن في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم، وألا نتساهل مع كل الجهات التي تكشف ظهر الدول المستقرة للإرهابيين، فهي معركة حياة ومعركة وجود، ومن هنا سيكون الأمن في هذه المرحلة أغلى من النفط لأنه يعادل دم الإنسان وكرامته.(اللهم احفظ مملكة البحرين من كل سوء، ورد كيد كل إرهابي في نحره، واحفظ اللهم كل الأوطان العربية وكل شعوب الأرض) فالأمن اليوم هو خطنا الأحمر.
Opinion
الخط الحمر
20 نوفمبر 2015